وبالواجب صار هذان الصنفان من الأبدان «خبيثي القروح» وأما أصحاب «النمش» فبسبب الخلط الرديء الذي فيهم وأما أصحاب «البياض المفرط» فبسبب نقصان الدم. فإن هذين هما السببان في عسر برء جميع القروح التي يعسر برؤها أعني الخلط الرديء الذي يأكل العضو ويقشره ونقصان الغذاء المحمود الذي منه ينمي ويتولد ما كان تأكل وقشر.
[chapter 43]
قال أبقراط: والدلائل من الأخلاط التي تبرز من البدن أما الملحي فيدل خاصة على أنه تحت الجلد أو من الرأس إذا سخنته الرئة.
قال جالينوس: إن أبقراط ذكر في هذا الكلام جنسا آخر من «الأخلاط» سماه «الملحي» لقرب طعمه من طعم الملح. والعرق في أكثر الأمر في جميع الأبدان بهذه الحال وتبين ذلك بيانا واضحا ظاهرا لمن اتفق له أن يعرق في الحمام ثم سال من عرقه شيء فدخل إلى فيه فمن اتفق له ذلك من تلقاء نفسه فقد عرف حقيقة الأمر في هذا فأما غيره فهو قادر أن يجربه بأن يجمع عرقه في الحمام ويذوقه بإصبعه. وأصحاب اليرقان لغلبة فضل الصفراء فيهم فإن عرقهم إلى المرارة أقرب منه إلى الملوحة وليس يخلو عرق أولائك أيضا على حال من أن تتبين فيه الملوحة. فأما من ليست به هذه العلة فعرقه لا محالة مالح إلا أن ذلك يوجد يتفاضل في الكثرة والقلة.
وقد نجد الماء إذا سخن فضل سخونة من نار أو شمس كأنه يميل إلى الملوحة إلا أن المياه تتفاضل في قبول الملوحة بقدر طبائعها الأولى ومن المياه ما تسرع إليها الملوحة إذا سخنت وتغلب عليها غلبة شديدة لا يمكن معها أن تشرب.
Halaman 206