وأبقراط يأمر أن تتفقد ألوان المستسقين كيما تستدل في أي الأحشاء أصل العلة أفي الكبد أم في الطحال إلا أنه لا تقدر فيهما على الوصول إلى الاستبراء للأمر إلا بالمجس. وقال «إن اليرقان» أيضا «الذي يكون من الطحال أميل إلى السواد» فدل بذلك على أنه ليس الاستسقاء فقط قد يعرض بسبب الطحال لكن قد يعرض بسببه اليرقان أيضا. وإن أنت تفقدت أعمال الطب بعناية واستقصاء رأيت هذا عيانا في المرضى. ولأبقراط في هذا ما يفوق به جميع الأطباء أعني في الحرص والاجتهاد والاستقصاء في تفقد ما يعرض للمرضى.
فمتى رأيت البدن قد غلب عليه «البياض» غلبة شديدة مع صفرة فاعلم أن في بدن من تلك حاله نقصانا من الدم وخلطا رديئا غالبا على البدن كله وسبب تولد ذلك الخلط الرديء ضعف الكبد لأن فعل الكبد توليد الدم. والدم دون سائر الأخلاط أحمر اللون فإذا لم يتولد غلب على البدن البياض والصفرة. ومتى رأيت أيضا «قروحا رديئة» قد عرضت في أبدان قد غلب عليها «البياض» أو في الأبدان التي قد غلب عليها «النمش» فينبغي أن تتفقد الأمر فيها على هذا المثال فإن أمرها يدل من قبل أي الأحشاء كان تولد الخلط الرديء المولد لتلك القروح. وذلك أن من كان البياض قد غلب عليه فالكبد هي الضعيفة فيه كان ذلك في طبيعته أو عرض له ذلك في وقت من الأوقات.
Halaman 200