قُدْرَتِهِ عَلَى تَحْصِيلِهِ حِفْظًا لَهُ مِنْ رَبِّهِ لِدَوَامِ النَّفْعِ بِهِ فِي عِلْمِهِ.
وَقُدِّمَ لِلْإِمَامَةِ بِالْجَامِعِ الْأَعْظَمِ عَامَ سِتَّةٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَقُدِّمَ لِخَطَابَتِهِ عَامَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَقُدِّمَ لِلْفَتْوَى عَام ثَلَاثَةٍ وَسَبْعِينَ.
وَمِنْ غَرِيبِ كَرَامَاتِهِ أَنَّهُ مِنْ لَدُنْ وَلِيَ الْإِمَامَةَ إلَى مَوْتِهِ لَمْ يَقَعْ لَهُ تَعَذُّرٌ عَنْ الْإِمَامَةِ فِي صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ إلَّا فِي أَيَّامِ مَرَضِهِ عَامَ سِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَفِي عَامِ ثَمَانِيَةٍ وَسِتِّينَ وَفِي عَامِ خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ وَفِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ وَفِي زَمَنِ غَيْبَتِهِ فِي زَمَنِ حَجِّهِ.
وَفِي بَعْضِ صَلَوَاتٍ غَابَ فِي وَقْتِهَا فِي خُرُوجِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعَثَهُ الْمَلِكِ الْهُمَامِ الْمُرْتَضَى لِآيَاتِ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِالسِّيَادَةِ عِنْدَ الْمُلُوكِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ مَوْلَانَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو الْعَبَّاسِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُمْ وَبَرَّدَ ضَرِيحَهُمْ وَجَعَلَ الْبَرَكَةَ فِي عَقِبِهِمْ إلَى يَوْمِ الدِّينِ وَنَصَرَ مَوْلَانَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْأَعْدَلِيَّ الْعُمَرِيَّ الْعُثْمَانِيَّ وَأَدَامَ أَيَّامَهُ الزَّاهِرَةَ وَكَانَ لَهُ وَمَعَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " وَهَذَا التَّأْلِيفُ مِنْ ثَمَرَاتِ حَسَنَاتِهِ وَنَتِيجَةِ بَرَكَاتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مَنَّ عَلَيْنَا وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِوُجُودِهِ وَأَعَانَنَا عَلَى حُصُولِ الْخَيْرِ بِسَبَبِ عُلُوِّهِ وَعِزِّهِ وَصُعُودِهِ زَادَهُ اللَّهُ خَشْيَةً وَرَحْمَةً وَعَمَلًا بِالْحَقِّ وَنَصْرًا لِلْحَقِّ وَأَهْلِهِ وَعَمَّرَ الْأَرْضَ بِبَقَائِهِ وَنَوَّرَ عَدْلَهُ بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ " وَبِالْجُمْلَةِ فَالشَّيْخُ الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ آثَارُ السَّعَادَةِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَجَمَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ بَيْنَ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ بِالنُّصْرَةِ وَالْأَيَادِي الْفَاخِرَةِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَحَشَرَنَا مَعَهُ فِي الْآخِرَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ فِي آخِرِ التَّأْلِيفِ نُذَيِّلُ بِهَا مِنْ تَمَامِ فَضْلِهِ وَدَلِيلِ عِلْمِهِ وَكَرَمِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يَمُنُّ عَلَيْنَا بِبَعْضِ عِلْمِهِ بِحُرْمَةِ نَبِيِّهِ وَحَبِيبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) لَمَّا ذَكَرَ الشَّيْخُ ﵁ فِي أَوِّلْ مُخْتَصَرِهِ بَعْدَ خُطْبَتِهِ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تَأْلِيفُ مُخْتَصَرِهِ الَّذِي أَعْجَزَ الْفُحُولَ عَنْ مِثْلِهِ بِجَمْعِهِ وَمَنْعِهِ تَعْرِيفَ مَاهِيَّاتِ الْحَقَائِقِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ لِمَا عَرَضَ مِنْ النَّقْلِ وَالتَّخْصِيصِ عَرَفْنَا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وَفَائِهِ بِمَا وَعَدَ بِهِ وَقَدْ وَفَّى بِهِ ﵀ وَجَرَى فِيهِ عَلَى نَهْجِ طَرِيقِ تَحْقِيقِ الْقَوَاعِدِ الْمَنْطِقِيَّةِ فِي التَّوَصُّلِ إلَى تَصَوُّرِ الْأُمُورِ الْكُلِّيَّةِ فَقَوْلُهُ ﵁ تَعْرِيفُ مَاهِيَّاتِ الْحَقَائِقِ وَلَمْ يَقُلْ حَدُّ مَاهِيَّاتِ الْحَقَائِقِ لِيَشْمَلَ التَّعْرِيفَ بِالْحَدِّ الْحَقِيقِيِّ
1 / 6