ولقد ناقشنا أمره في هامش الحماسية (١٤) من باب الحماسة وأشرنا إلى أن هناك أكثر من واحد إلى برقة قم ويقال له البرقي، غير أن نقل المرزوقي منه يزيل هذا الإشكال، لأن الثابت في وفاة المرزوقي أنها كانت سنة ٤٢١. ومعنى هذا أن تاريخ وفاة البرقي ينبغي أن تكون سابقًا لهذا التاريخ أو قريبًا منه. وأما الاستراباذي فالإشكال فيه ناتج عن أن حاجي خليفة ذكر أن تاريخ وفاته سنة ٧١٧ هـ وهو تاريخ متأخر بكثير عن وفاة زيد بن علي، غير أن وجوده في هذا الشرح الذي فرغ من نسخه سنة ٤٣٨ وقوبلت نسخته بنسخة أبي طاهر الشيرازي سنة ٤٦٦ هـ يلقي ظلالًا من الشك في هذا الذي ذكره حاجي خليفة، بل يتحول هذا الشك إلى يقين في أنه أخطأ حين نجد ياقوتا الذي توفي سنة ٦٢٦ هـ، قد ترجم له في معجم الأدباء ولكنه لم يذكر تاريخ وفاته فليس من المعقول أن تكون وفاته سنة ٧١٧ هـ كما ذكر حاجي، ويكون له ذكر في معجم الأدباء، كما أن ياقوتا قال في ترجمته: "حسنة طبرستان وأوحد ذلك الزمان" فلا شك أن قوله: "أوحد ذلك الزمان" يدل على أنه متقدم على ياقوت بزمن ليس بالقليل، ومن ثم فإن وروده في نسخة هذا الشرح، ووجود ترجمته في معجم الأدباء، وما ذكره ياقوت عنه يدل دلالة قاطعة على خطأ ما أورده حاجي خليفة. ولعل عبد السلام هارون قد فطن إلى هذا الخطأ حين ذكر الاستراباذي في الثبت الذي أورده لشراح الحماسة، وأهمل الإشارة إلى تاريخ وفاته، ولم يوردها بالرغم من أنه اعتمد في ثبته هذا على حاجي خليفة وأثبت ما أثبته حاجي خليفة في وفيات بقية الشراح الذين ذكرهم.
ورابع هذه العوامل ما جاء في الحماسية رقم (٩٤) التي وردت في الحماسة دون نسبة ونسبها الجاحظ في البيان والتبيين إلى بكير بن الأخفش، فقد أورد المصنف
2 / 32