Syarah Hadis Nuzul
شرح حديث النزول
Penerbit
المكتب الإسلامي،بيروت
Nombor Edisi
الخامسة
Tahun Penerbitan
١٣٩٧هـ/١٩٧٧م
Lokasi Penerbit
لبنان
إن لم يجعلوه مكذبًا لما جاء به الرسول، مرتدًا عن بعض ما كان عليه من الإيمان، مع أن تشككه وحيرته تقدح في إيمانه ودينه وعلمه وعقله.
فيقال لهم: أما كون الرب ﷾ مركبًا ركبه غيره، فهذا من أظهر الأمور فسادًا، وهذا معلوم فساده بضرورة العقل. ومن قال هذا، فهو من أكفر الناس وأجهلهم وأشدهم محاربة لله، وليس في الطوائف المشهورة من يقول بهذا.
وكذلك إذا قيل: هو مؤلف أو مركب - بمعنى أنه كانت أجزاؤه متفرقة فجمع بينها كما يجمع بين أجزاء المركبات من الأطعمة والأدوية والثياب والأبنية - فهذا التركيب من اعتقده في الله، فهو من أكفر الناس وأضلهم، ولم يعتقده أحد من الطوائف المشهورة في الأمة. بل أكثر العقلاء عندهم أن مخلوقات الرب ليست مركبة هذا التركيب، وإنما يقول بهذا من يثبت الجواهر المنفردة.
وكذلك من زعم أن الرب مركب مؤلف؛ بمعنى أنه يقبل التفريق والانقسام والتجزئة، فهذا من أكفر الناس وأجهلهم، وقوله شر من قول الذين يقولون: إن لله ولدًا؛ بمعنى أنه انفصل منه جزء فصار ولدًا له، وقد بسطنا الكلام على هذا في تفسير: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١]، وفي غير ذلك. وكذلك إذا قيل: هو جسم؛ بمعنى أنه مركب من الجواهر المنفردة، أو المادة والصورة، فهذا باطل، بل هو - أيضًا - باطل في المخلوقات، فكيف في الخالق ﷾؟ ! وهذا مما يمكن أن يكون قد قاله بعض المجسمة الهشامية، والكرامية وغيرهم ممن يحكى عنهم التجسيم؛ إذ من هؤلاء من يقول: إن كل جسم فإنه مركب من الجواهر المنفردة، ويقولون مع ذلك: إن الرب جسم، وأظن هذا قول بعض الكرامية، فإنهم يختلفون في إثبات الجوهر الفرد، وهم متفقون على أنه - سبحانه - جسم.
لكن يحكى عنهم نزاع في المراد بالجسم، هل المراد به أنه موجود قائم بنفسه، أو المراد به أنه مركب؟ فالمشهور عن أبي الهَيْصَم وغيره من نظارهم أنه يفسر مراده؛ بأنه موجود قائم بنفسه مشار إليه، لا بمعنى أنه مؤلف
1 / 75