Syarah Hadis Nuzul
شرح حديث النزول
Penerbit
المكتب الإسلامي،بيروت
Nombor Edisi
الخامسة
Tahun Penerbitan
١٣٩٧هـ/١٩٧٧م
Lokasi Penerbit
لبنان
موضعه. والذين يثبتون تقريبه العباد إلى ذاته هو القول المعروف للسلف والأئمة، وهو قول الأشعري وغيره من الكُلابية؛ فإنهم يثبتون قرب العباد إلى ذاته، وكذلك يثبتون استواءه على العرش بذاته، ونحو ذلك، ويقولون: الاستواء فعل فعله في العرش فصار مستويًا على العرش. وهذا - أيضًا - قول ابن عقيل، وابن الزاغوني، وطوائف من أصحاب أحمد وغيرهم.
وأما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده؛ فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة، ونزوله، واستواءه على العرش. وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث، والنقل عنهم بذلك متواتر.
وأول من أنكر هذا في الإسلام الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة، وكانوا ينكرون الصفات والعلو على العرش، ثم جاء ابن كُلاب فخالفهم في ذلك، وأثبت الصفات والعلو على العرش، لكن وافقهم على أنه لا تقوم به الأمور الاختيارية؛ ولهذا أحدث قوله في القرآن: أنه قديم لم يتكلم به بقدرته. ولا يعرف هذا القول عن أحد من السلف، بل المتواتر عنهم أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن الله يتكلم بمشيئته وقدرته، كما ذكرت ألفاظهم في كتب كثيرة في مواضع غير هذا.
فالذين يثبتون أنه كلم موسى بمشيئته وقدرته كلامًا قائمًا به، هم الذين يقولون: إنه يدنو ويقرب من عباده بنفسه. وأما من قال: القرآن مخلوق أو قديم، فأصل هؤلاء أنه لا يمكن أن يقرب من شيء ولا يدنو إليه، فمن قال منهم بهذا مع هذا، كان من تناقضه؛ فإنه لم يفهم أصل القائلين بأنه قديم.
وأهل الكلام قد يعرفون من حقائق أصولهم ولوازمها ما لا يعرفه من وافقهم على أصل المقالة، ولم يعرف حقيقتها ولوازمها؛ فلذا يوجد كثير من الناس يتناقض كلامه في هذا الباب. فإن نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف متظاهرة بالإثبات، وليس على النفي دليل واحد: لا من كتاب ولا من سنة ولا من أثر، وإنما أصله قول الجهمية، فلما جاء ابن كُلاب فرق، ووافقه كثير من الناس على ذلك، فصار كثير من الناس يقر
1 / 105