تحريم القول بلا علم عمومًا وخصوصًا
[فإن الله حرم القول بلا علم عمومًا، وحرم القول عليه بلا علم خصوصًا، فقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف:٣٣]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:١٦٨ - ١٦٩] وقال تعالى: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء:٣٦]].
وهذا أصل في كتاب الله ﷾، وهو التغليظ على من يقول عليه ﷾ بغير علم، ويجب على طلبة العلم -وعلى العامة من المسلمين- أن يربوا العامة والشباب على هذا: وهو التحذير من القول على الله ﷾ بغير علم.
وهذا لا يختص بالقول في صفاته ﷾ وأفعاله، بل يشمل -أيضًا- القول فيما هو من خصائص علمه ﷾، كعلم ما في الصدور؛ فإن العلم بما في صدور المكلفين مما اختص به الله سبحانه تعالى، ومن المعلوم أن الرسول ﷺ لما قام ذو الخويصرة التميمي -في الحديث المتواتر- وقال: (اعدل يا محمد! فإنك لم تعدل، فقام خالد بن الوليد -أو عمر بن الخطاب كما في رواية في الصحيح- وقال: يا رسول الله! دعني أضرب عنقه.
قال: لعله أن يكون يصلي، قال: وكم من مصلِّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه.
فقال النبي ﷺ: إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس) هذا مع أن هذا الرجل أظهر الشر، حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: "لو قال هذا القول في عصرنا هذا لوجب قتله بإجماع العلماء؛ لأنه حق بشري، حقٌ للنبي ﷺ والنبي في حياته أسقط حقه، ولكنه بعد وفاته ﷺ لابد من إقامة الحد عليه".
[وأيضًا فكثير من الناس يخبر عن هذه الفرق بحكم الظن والهوى، فيجعل طائفته والمنتسبة إلى متبوعه الموالية له هم أهل السنة والجماعة، ويجعل من خالفها أهل البدع ..
وهذا ضلال مبين].
وهذا استعمله كثير من متكلمة الصفاتية من أصحاب أبي الحسن، وكذلك استخدمه بعض الصوفية، وبعض الفقهاء من أصحاب الأئمة المتعصبين لبعض الطرق الضيقة المنسوبة إلى أهل السنة، أحيانًا يخرجون بعض أصحابهم الفضلاء عن دائرة أهل السنة بمثل ذلك، كما تراه في كلام -مثلًا- أبي إسماعيل الأنصاري الهروي ﵀، فإنه أخرج بعض شيوخ المذهب وطعن عليهم بما ليس موجبًا للطعن عند التحقيق.
4 / 7