الشرح: لما بين أنه قد يكون شيء إذا كرر وطال زمانه، ضعف تأثيره. بين هاهنا أن ذلك ليس دائما، فقد يكون من الأشياء ما إذا كرر وطال زمانه قوى تأثيره، بل هذا هو ما يكون عن الأمور بذاتها. وأما الأول فإنما كان ذلك بالعرض، فإنا نعلم يقينا أن المؤثر لشيء إنما يتأثر عنه المنفعل بأن يستعد للتأثر عنه، فالسبب الفاعل إذا لاقى المنفعل في أول الأمر لا يكون استعداده للانفعال كاستعداده إذا انفعل عنه انفعالا ما، وكلما كان الاستعداد أقوى وأكثر كان الانفعال أقوى وأتم وكان أدنى سبب فاعل يقوم بالفعل. ومثال ذلك: أن القطرة من الماء إذا سقطت على الصخرة لم تنفعل (109) عنها في أول الأمر انفعالا يظهر للحس، فإذا دام ذلك ظهر الانفعال B عنها في أول الأمر فأحفرت فيها حفرة. وإذا ثبت هذا فأقول: إذا فعلت ما ينبغي أن تفعل: أي ما دل الدليل على وجوب فعله. فلم يكن ما ينبغي أن يكون: أي فلم يوجد أثره. فلا ينبغي أن تنتقل (110) إلى غير ما أنت عليه: أي فلا ينبغي أن تغلط نفسك فتنتقل عن الواجب. قوله: مادام ما رأيته منذ أول الأمر ثابتا: أي لا ينبغي أن تنتقل عن الواجب لأنه قد تأخر تأثيره حتى بقى ما كان قبل استعمال ذلك ثابتا ولم يتغير، بل ينبغي أن يدوم على ذلك، فإن الشيء إذا دام أثر. فإن قيل: قد بينتم أن الشيء إذا دام على البدن قل انفعاله عنه، وكذلك يكون التضرر به أقل. ولذلك يكون حمل التعب المعتاد أسهل من غيره، وأسهل على المعتاد لذلك التعب من غيره، وإن كان الغير شابا قويا، فما بالكم تستتم هذا فأوجبتم المداومة على الشيء وقلتم: إنه حينئذ ينفعل البدن عنه. قلنا: إنما أوجبنا المداومة على نوع تلك المداواة لا على نوع الشيء المستعمل؛ مثال ذلك: إذا أوجب القياس A التبريد، فاستعملنا مثل شراب الأجاص فلم يؤثر، فلا ينبغي أن ينتقل إلى ترك التبريد، ولا أن يدوم على شراب الأجاص، بل أن يدوم على التبريد ولكن بشيء آخر وليكن مثل بذر (111) البقلة ثم الكافور مثلا.
[aphorism]
قال أبقراط: من كانت بطنه لينة، فإنه مادام شابا فهو أحسن حالا ممن بطنه يابسة، ثم تؤول حاله عند الشيخوخة إلى أن يصير أردأ؛ وذلك أن لين بطنه يجف إذا شاخ على الأمر الأكثر.
[commentary]
Halaman 119