Syarh Fusul Abuqrat
شرح فصول أبقراط
Genre-genre
قوله: وشفاء سائر الأمراض يكون بالمضادة. وللأطباء قاعدتان * مقررتان (784) * أحداهما (785) أن حفظ الصحة بالمثل. وثانيهما مداوة المرض بالضد. وقد صرح أبقراط بالثانية وفيه إشارة إلى الأولى. ولنقررها نحن في * هذا (786) الموضع غاية التقرير. فنقول: الصحة والمرض وإن كانا صورتين للبدن غير أن الصحة صورة طبيعية مقصودة البقاء لذاتها. ولذلك وجب أن تحفظ. وحفظ الشيء إنما يتم بالمثل إذ الشبيه لا يغير شبيهه. وإلا، لزم أن * الشيء (787) يغير نفسه وذلك محال. وأما المرض فإنه صورة غير طبيعية ومقصود إليه لا لذاته بل ليزول. ولذلك وجب أن ينفي ونفي الشيء إنما يكون بأن يورد عليه ما يضاده. فلذلك كان حفظ الصحة بالشبيه ومداواة المرض بالضد. اعترض بعضهم على هاتين القاعدتين، فقال: لا نسلم أن حفظ الصحة بالشبيه ولا مداواة المرض بالضد. أما الأول فإن المحرور والبرود لو استعمل كل واحد منهما ما يناسب مزاجه من الأغذية وغيرها لاحترق المحرور وجمد المبرود. وأما الثاني فإن لنا من الأمراض ما يداوي بالشبيه. * ومثل (788) الحمى البلغمية فإنا نستعمل فيها المسخنات كالرازيانج وغيره، والحمى الصفراوية نستعمل فيها السقومينا، ومثل القولنج البلغمي فإنا نستعمل فيه المخدرات وهي باردة، والتمدد نستعمل فيه صب الماء البارد على ظاهر البدن * بحسب (789) ما * أمر (790) به الإمام أبقراط في هذا الكتاب. أجاب ابن أبي صادق عن الأول بجواب، وحاصله أن معنى قولنا: إن الصحة تحفظ بالشبيه إذا كان الشبيه بالفعل فإن الغذاء متى صار كذلك قيل له غذاء بالحقيقة. أما متى كان في الخارج أو في المعدة أو في الكبد أو في العروق فلا يقال له غذاء إلا بطريق المجاز ثم أنه لا يصير إلى ما ذكرنا إلا وينخلع عن ما له من الكفيفيات شيئا فشيئا، وحينئذ يصير شبيها به من جميع الوجوه. ومع هذا * اختار (791) استعمال الغذاء المبرد في المحرور والحار في المبرود. وعند هذا نقول له: فعلى هذا لا فرق بين الغذاء الحار والغذاء البارد عند المحرور والمبرود. فإن قال الغذاء البارد في المحرور مع ما أنه يخلف عليه عوض المتحلل يعدل مزاجه بما فيه من المضادة ويمنعه من الانحراف. فنقول له: فعلى هذا لا يكون حفظ الصحة بالشبيه مطلقا بل ومع نوع من المضادة وحينئذ لا فرق بين حفظ الصحة ومداواة المرض. والذي * نقوله نحن (792) في * هذا (793) الجواب عن الاعتراض المذكور هو أن الصحة على نوعين: صحة متوهمة في الذهن وصحة موجودة في الخارج. فالصحة المتوهمة * هي (794) أن تكون أمزجة الأعضاء المتشابهة الأجزاء على غاية ما يجب من الاعتدال وهيآت الأعضاء الآلية ومقاديرها وعددها ووضعها على أتم وجه وأكمله والقوى فاعلة لأفعالها على أتم أحسن وجه * وأبلغه (795) . ومثل هذا النوع من الصحة لا يوجد في الخارج لإحاطة الأسباب المغيرة بالبدن * الحامل (796) PageVW5P082B لذلك وتأثيرها فيه. وهذه الصحة التي يقاس * غيرها عليها (797) ويجعلها الأطباء دستورا لما عداها. ثم الموجودة على نوعين: قريبة من هذه وبعيدة عنها. فالقريبة هي التي تسمى أفضل الهيآت والصحة المعتدلة والبعيدة مثل صحة المحرور والمبرود والصبي والشيخ والناقه. فالصحة لها غرض بتردد فيه * وكلما (798) كان * منها أقرب (799) إلى الصحة المتوهمة فهو أفضل، وكلما كان أبعد فهو دون * ذلك (800) في الفضيلة، وما توسط فهو متوسط. * إذا (801) عرفت هذا فنقول: لا شك أن القريبة من * الصحة (802) المتوهمة تحفظ بالمثل. وأما صحة المحرور والمبرود وغير ذلك، فإن PageVW1P038A كل واحد منهما إذا أعطى من الأغذية ما هي * مساو (803) لها في درجة مزاجها حفظها ولم يغيرها البتة. * فالتغير (804) الحاصل لمثل هذه الأمزجة عند استعمال ما يناسبها * من (805) مزاجها ليس لأنه حار أو بارد، بل لأنه غير * مساو (806) * لها (807) في درجة مزاجه. فحنئيذ حفظ الصحة بالشبيه مطلقا. والجواب عن ما اعترض به على القاعدة الثانية بعد أن يعلم أن تأثير الشيء في الشيء تارة يكون بالذات كتسخين الفلفل للبدن، وتارة يكون بالعرض كتسخين الماء البارد له. فالذاتي هو أن لا تكون بين المؤثر والمتأثر واسطة. والعرضي ما لا ييكون كذلك، بل تكون بينهما واسطة. فإن التسخين الحاصل من الفلفل ليس بينه وبين * البدن (808) واسطة بخلاف * في (809) التسخين الحاصل من الماء البارد فإن بينهما واسطة وهي تكاثف المسام وانحصار الأبخرة. ومعنى قولنا إن مداواة المرض بالضد أي الضدية الذاتية. فإذا عرفت هذا فنقول: نفع المسخنات المستعملة في الحمى البلغمية ليس * لأنها (810) حمى بل لأجل تقطيع سببها وتلطيفه وتهيئته للاندفاع. ولا شك أنه * متى (811) زال السبب زال المسبب، فنفع ما * ذكرناه (812) في الحمى البلغمية إنما * هو (813) بطريق العرض وهو بواسطة تأثيته في السبب. وأما نفع * السقمونيا (814) في الحمى الصفراوية فلأجل استفراغ مادتها التي هي سببها وذلك بالعرض. وأما نفع المخدرات في القولنج فهو بواسطة تسكينها للألم. وأما * نفع (815) الماء البارد في التمديد * فذلك (816) أيضا بطريق العرض وهو من جهة تكثيفه وتسديده لمسام * البدن (817) و حصره للحرارة الغريزية في * الباطن (818) وعند ذلك يقوى على دفع المؤذي البارد. فالشافي في الحقيقة * هو (819) الضد ونفع الماء البارد فيه بطريق العرض. * بقي (820) علينا شيء لا بد من بيانه وهو صحة حكم الإمام ابقراط بالضدية في أنواع الأمراض * الثلاثة (821) التي هي السوء المزاج وتغير الهيئة وتفرق الاتصال.
البحث الخامس
في بيان ذلك في سوء المزاج. اعلم أن سوء المزاج على نوعين: ساذج ومادي. فالساذج يعلاج بالضد مع حفظ المساواة والمرجح لفعل الدواء الطبيعة المدبرة للبدن. ولا ينبغي أن يفرط في استعمال المبردات القوية في PageVW5P083A تبديل المزاج الحار في ابتدائه خوفا من إضعافه القوة وإجماده للحرارة الغريزية وتجميده * للمادة (822) إن كان ماديا. وليس إضرار الإفراط في التسخين كإضرار الإفراط في التدبير فإن الحرارة صديقة الطبيعة والبرودة منافية مضادة لها. واعلم أن * السوء (823) المزاج الحار عسر الزوال في ابتدائه سهل في انتهائه والبارد بالعكس وترطيب اليابس أطول مدة من تجفيف الرطب. أما الأول فلأن البرودة مضادتها للطبيعة المدبرة للبدن أكثر من مضادة الحرارة فتهتم الطبيعة بمقاومتها أكثر من اهتمامها بمقاومة الحرارة وتصرف الأدوية المضادة المستعملة في مداواتها إلى جهتها بخلاف الحرارة. فلذلك كان البارد سهل الزوال في ابتدائه والحار عسر. وأما في انتهائه فهو عسر لأنه ما استحكم إلا وقد قهر القوة قهرا قويا وأخمد الحرارة. وأما الحار فإنه لمناسبته لها لا يشعر بأذيته، فإذا استحكم ظهر * ضرره بالطبيعة (824) ، فتهتم بمقاومته ودفع نكايته عن البدن غير أنه لا يخمد الحرارة الغريزية كما تخمدها البرودة. فلذلك كان سهل الزوال في انتهائه. وأما * أمر (825) الرطب واليابس * فأن (826) ترطيب الجاف فيه إيجاد شيء لشيء. ولا شك أن ذلك موقوف على أسباب كثيرة بخلاف تجفيف الرطب، فهو إذهاب شيء من شيء، ويكفي في ذلك سبب واحد. هذا جميعه متى كان السبب ساذجا. وأما متى كان ماديا فتسترغ المادة بعد نضجها إن كان المرض غير مهتاج ومتى كان مهتاجا فيستعمل أولا ما يبرد و يرطب ثم تستفرغ المادة. وذلك لأن باستعمال ذلك تردع المادة وتكسر حدتها. وعند ذلك تستولي عليها الطبيعة. وأيضا فإنها تتكاثف فيقل حجمها وعند ذلك يشتد استيلاء الطبيعة عليها. فإن خلفت المادة بعد استفراغها سوء مزاج قابلناه بما يضاده فظهر مما ذكرنا أن علاج سوء المزاج بالضد * سواء (827) كان ساذجا أو ماديا.
البحث السادس
في بيان ذلك في المرض الآلي. أما أمراض الخلقة فمنها فساد الشكل وهو على نوعين: أصلي وحادث. فالأصلي كاعوجاج الساق * وتسفط (828) الرأس. ومثل هذا النوع من الفساد لا مطمع في صلاحه. * وأما الحادث (829) * فعلاجه (830) بأن يرد العضو إلى الحالة الطبيعية وهو أن يمال به إلى الجهة التي مال عنها. ثم يشد ليبقي على استوائه. وأما أمراض التجويف * فهي على (831) نوعين إما بأن يزيد التجويف أي * يزيد (832) عمقه وإما بأن ينقص أي ينتؤ عمقه. فإن كان الأول فمداواته بالحركة والدلك ثم بحصر النفس. فإن بالحركة والدلك يتخلخل جرمه وتنمو حرارته وبحصر النفس تندفع المادة إليه وهو في نفسه قابل لذلك بسبب الحركة، والدلك وإن كان الثاني فمداواته بالسكون والشد PageVW5P083B . وذلك لأن بالسكون يعدم الحركة المخلخلة لجرمه والمثيرة لحرارته وبالشد يمنع الغذء من النفوذ إليه فيهزل. لكن هذا يحتاج إلى تفصيل وهو أن ما كان من الاعضاء ليس له حركة من ذاته كأخمص القدم وباطن الراحة فتدبيره على ما ذكرنا. وما كان له حركة من ذاته كالصدر فتدبيره بضد هذا، وهو أنا إذا أردنا أن نعظم تجويفه استعملنا فيه * الحركة (833) والدلك ثم حصر النفس. وإذا أردنا أنا نصغر تجويفه استعملنا السكون والشد. وهذا القدر من الداواة لا يتآتي إلا في سن الصبا. وأما أمراض المجاري فسعتها تضيق على العموم بالسكون والشد وعلى الخصوص * بمقابلة (834) السبب الموجب للسعة. فإن كان حرارة فبالبرودة وإن كان رطوبة فباليبوسة وإن كان أدوية فتاحة فبأدوية قابضة وإن كان عن حركة الدافعة غير وقتها فبما يسكن الموجب لذلك. وضيقها يوسع على العموم بالحركة والدلك وعلى الخصوص بمقابلة السبب الموجب له. فإن كان برودة فبالحرارة وإن كان يبوسة فبالرطوبة وإن كان شد رباط فبما يحل ويرخي وإن كان * أدوية (835) قابضة فبأدوية فتاحة وإن كان فاسد فبإصلاحه وإن كان * ورم مزاحم (836) فبما يحل ذلك الورم ويذهبه. وأما أمراض السطح فبالملامسة تداوي على العموم بالتخشين والخشونة بالتمليس. وأما أمراض المقدار فالزيادة فيه إن كانت جبلية وأزيد تصغير العضو فيعالج في سن * النماء (837) بالسكون لتخلقه باقي الأعضاء التي لم يسكن في العظم. فإن لم * يكون (838) جبليا كالأورام وداء الفيل * وغيرهما (839) فمداواته باستفراغ مادته وبالسكون أيضا. والصغير يعظم في سن * النماء (840) بالحركة PageVW1P038B والدلك ثم بحصر النفس كما ذكرنا. وأما أمراض العدد فالزائد إما أن يمكن اسقاطه * عن (841) البدن أو لا يمكن. والأول تارة يكون بالحديد أن ساعد العليل بشرط أن يكون البدن نقيا وتارة يكون * بأدوية (842) تعقبه وتارة * يكون (843) بأدوية محرقة. ومثال هذا الزائد الخنازير والسلع والثآليل . والثاني بالنقل كما يفعل بالماء المجتمع في العين فإنا ننقله بالقدح عن محاذاة الحدقة إلى جانب الطبقة العنبية فيقف هناك بخملها. * وأما أمراض الوضع، أما الغضو نفسه فإن كان قد زال فمداواته برده إلى موضعه وهو إن يمد (844) أولا ويدفع إلى خلاف الجهة التي مال إليها حتى يحاذي به الموضع الذي كان فيه، ثم يرد إليه ويشد حتى يبقى في موضعه. وأما الاجتماع فبالافتراق والافتراق * فبالاجتماع (845) . فقد تبين مما ذكرنا أن المرض ألآلي بجميع أضنافه يداوى بالضد.
البحث السابع
في بيان ذلك في تفرق الاتصال. اعلم أن التفرق على نوعين: بسيط ومركب. فالبسيط معناه * أنه (846) لا يذهب معه شيء من جوهر العضو PageVW5P084A . ومثل هذا يداوى بأربعة أشياء أحدها جمع ما قد تفرق. وثانيها حفظ ما قد * جمع (847) ، وذلك إما بالرفادة وإما بالخياطة وإما باليد. وثالثها المنع من أن يقع بين شقي الجراحة شيء يمنعها من الالتحام. ورابعها حفظ طبيعة ذلك العضو على * حالها (848) . والمركب * معناه أن يذهب معه شيء من جوهر العضو، فإن (849) كان الذاهب من الأعضاء الدموية فرده ممكن في جميع الأسنان. وإن كان من الأعضاء المنوية فلا يمكن رده إلا في سن الصبى بشرط أن يكون الذاهب شظايا صغيرة. وسنتكلم في هذا في المقالة السادسة * من هذا الكتاب (850) فظهر مما ذكرنا أن شفاء سائر الأمراض يكون بالمضادة * حسب (851) ما حكم به الإمام أبقراط.
23
[aphorism]
قال أبقراطه: إن البحران يأتي في الأمراض الحادة في أربعة عشر يوما.
Halaman tidak diketahui