168

البحث الخامس:

قوله «واما الكهول فيعرض * لهم (837) من * النزل (838) ما يفنى سريعا»: لقائل أن يقول إن الكهول * يندرج (839) في قوله «وأما سائر الناس» وإذا كان كذلك فيكون قوله هذا * تكرارا (840) ، فنقول * إن (841) الكهول يعرض لهم ما يعرض لسائر الناس مما ذكره، ويعرض * لهم (842) أمر آخر يخصهم * وهو (843) النزل التي تفنى سريعا، والتي لا تفنى سريعا على ما جاء في كلام * الإمام (844) أبقراط، فإنه جاء في بعض النسخ هذا وجاء الأول، وقد جاء ما يفنى سريعا باليا أي يهلك سريعا، والكل * حق (845) ، ومراده بالكهول الذين في آخر سن الكهولة فإن هؤلاء لبرد أمزجتهم وضعف أدمغتهم * وقواهم (846) وكثرة فضلاتهم مستعدون للنزلات. أما التسخة الأولى وهي التي تقرأ «ما يفنى سريعا» فإن هذه النزلة الحاصلة للكهول بعضها الصيف فيحلل مادتها ويلطفها، وبالجملة يكون كالعين لمداواتها بخلاف ما إذا كان عروضها في الخريف أو في الشتاء فإن مدتها تطول. وأما النسخة الثانية وهي التي تقرأ «ما لا يفنى سريعا» لأن عروض ذلك في سن القوى فيها ضعيفة والحرارة آخذة في التلاشي والاضمحلال والمواد الرديئة متوفرة وهي آخذة في الزيادة، وكل ذلك مما يعين على طول مدة النزلة. وأما النسخة الثالثة التي تقرأ «ما يفنى سريعا أي يهلك سريعا» فإن مواد هذه النوازل تهجم على مسالك الروح لكثرتها فتخنق وتقتل سريعا، وشاهد ذلك في قول أبقراط في كتاب المياه والأهوية * والبلدان (847) . واما المشايخ فيعرض لهم من النزل حتى أنهم يهلكون بغتة، ومنهم من يعرض * لهم (848) الفالج في * شقتهم (849) الأيمن، * أقول (850) : وإنما اختص الأيمن بذلك في هذه السن، وذلك لحرارة مزاجه وتخلخل جرمه فيكون أقبل PageVW5P149A للمادة عند ميلها وانحدارها من الأعالي إلى الأسافل. واما الرمد واختلاف الدم فقد تكلمنا فيهما.

البحث السادس

في النزلة من الأطباء من يخص باسم * النزلة (851) ما ينزل إلى * الحلق (852) وباسم الزكان ما ينزل * إلى (853) الأنف: وهذا اصطلاح جمهور * الأطباء (854) ، ومنهم من يسمي جميع ذلك نزلة، وهذا اصطلاح الإمام أبقراط على ما ذكرنا والرئيس أبو علي بن سينا من * المتأخرين (855) . وسبب ذلك إما حرارة أو برودة، والحرارة إما خاصة * وإما (856) حادثة، والخاصة هي الأصلية والحادثة مثل * حرارة (857) الحمام والمستفادة من الرياضة والغضب المفرط والأراييح المسخنة، فإن هذه مع الأصلية تخلخل المسام وجوهر الدماغ وتجعله قابلا للمواد * ولتأثير (858) الحر والبرد الخارجين. وقد يحدث التخلخل من فصد قد أفرط في خروج الدم فيه، فإنه يهيء البدن لقبول ذلك. واما البرودة فإنها توجب ذلك من جهة * حبسها (859) للفضلات البدنية وإضعافها للهضم. ومما ذكرنا يعلم أن أصحاب الأمزجة الحارة استعدادهم لأسباب النزلة الخارجة أشد من اتسعدادهم لأسبابها الداخلة، وأصحاب الأمزجة الباردة * بعكس (860) ذلك. ومادة النزلة قد تكون حارة وقد تكون باردة، ومن جهة قوامها قد تكون غليظة وقد تكون لطيفة، ومن جهة الطعم قد تكون حريفة وقد تكون مالحة وقد تكون مرة وقد تكون حلوة، والباردة والغليظة تنضج بالحمى * والحارة (861) لا ينتفع بها البتة. والصداع إذا * قارن (862) النزلة زاد فيها * الحدب (863) .

13

[aphorism]

قال أبقراط: * وإذا (864) كان الصيف قليل المطر شماليا وكان الخريف مطيرا جنوبيا عرض في الشتاء صداع شديد وسعال وبحوحة * وزكام (865) وعرض لبعض الناس السل.

[commentary]

الشرح هاهنا مباحث خمسة.

البحث الأول

Halaman tidak diketahui