43

[فصل رقم 83]

[aphorism]

قال أبقراط: متى كان في أي وقت من أوقات السنة، في يوم واحد، مرة حر ومرة برد، فتوقع حدوث أمراض خريفية.

[commentary]

قال عبد اللطيف: متى كثر اختلاف أوقات السنة واشتد، وتقاربت (25) أوقات الاختلاف، بحيث ينتقل من الضد إلى الضد بغتة وعن قرب، اضطربت الأبدان باختلاف النسيم والاستحصاف (26) تارة، والتخلخل أخرى، في أزمنة متقاربة ومباغتة. فبينما البدن في الاستحصاف باغته ما (27) يخلخله، وبينما هو في التخلخل باغته ما يحصفه، فيصير في قلق، ويعدم الاستقرار على حالة واحدة بعينها زمانا له (28) قدر (29) فيسوء الهضم (30)، وتتولد فضول رديئة تستعد (31) بها الأبدان لقبول الأمراض الخريفية. فإن الخريف إنما يولد الأمراض لاختلافه كثيرا، فإذا حدث ذلك الاختلاف في أي زمان كان، عاد حكمه حكم الخريف في توليد الأمراض، والأمراض (32) الخريفية هي يختص تولدها في الخريف أكثر، وقد أحصاها فيما بعد.

[فصل رقم 84]

[aphorism]

قال أبقراط: الجنوب تحدث PageVW1P039A ثقلا في السمع، وغشاوة في البصر، وثقلا في الرأس، وكسلا واسترخاء، فعند قوة هذه الريح وغلبتها، يعرض للمرضى هذه الأعراض. وأما الشمال فتحدث السعال، ووجعا في الحلوق (33) والبطون اليابسة، وعسر البول، والإقشعرار ووجعا في الأضلاع والصدر (34)، فعند غلبة هذه الريح وقوتها، فينبغي أن يتوقع في الأمراض حدوث هذه الأعراض. PageVW2P051B

[commentary]

قال عبد اللطيف: اعلم أن الجنوب حارة رطبة، ومن شأن الحار الرطب أن يرخي البدن، ويملأ الرأس فضولا رطبة؛ فإذا ابتل أصل العصب وترطب، استرخي البدن، وثقل الرأس، وعرض كسل PageVW0P044B عن الحركات. ولما كان البخار الرطب من جنس الضباب عرض منه في السمع ثقل، وفي البصر غشاوة وتكدر، وثقل شهوة الغذاء، كما تعرض هذه الأعراض كلها في الحمام لأن مزاجه حار رطب. فأما الشمال PageVW3P052A فباردة يابسة، فتحصف (35)، وتكثف، وتجفف، وتضر بالأعضاء العصبية القليلة اللحم أكثر كالمثانة وتقبضها (36)، ولذلك تحدث عسر البول، وتحدث الإقشعرار ببردها (37)، ووجعا في الأضلاع والصدر بسبب (38) حركة التنفس، فإن الحركة مع الشمال تعسر ولا يتعدى هذا الضرر إلى القلب والرئة لغلبة حرارتهما وكثرة حجبهما (39)؛ وإذا حدث في الحلق يبس بسببها (40) تبعه سعال ووجع. وأما يبس البطون ، أعني البراز، فلأن ريح الشمال يابسة تجفف الأبدان، فتجذب (41) من رطوبة الغذاء مقدارا كثيرا (42) فيجف الثفل. وأيضا فإن المنافذ إذا تكاثفت بهذه الريح، طال (43) لبث فضول الغذاء في الأمعاء، فنشف (44) البدن رطوبتها، فجف البراز لذلك. وأيضا (45) فإن الشمال يجود معها الهضم، لأن منزلتها (46) منزلة الشتاء، وإذا جاد الهضم استقصت الأعضاء مص رطوبة الغذاء فيبس الثفل (47). وإنما لم يذكر أبقراط الصبا والدبور لعلتين: أحدهما (48): إنه اكتفى (49) بذكر الشمال والجنوب عنهما، وجعل ما ذكر مثالا ودليلا على ما ترك. والثانية: إن الصبا والدبور لا يطول زمان هبوبهما كما يطول زمان الشمال والجنوب، فلما قصر زمانهما قصر في ذكرهما. فإن قيل: لم اقتصر على ذكر مضار الجنوب والشمال دون منافعهما. قيل: إن قصده بهذا (50) الفصل المضار التي PageVW2P052A تلحق المرضى (51) خاصة من هاتين الريحين حتى يفرق الطبيب بين ما يعرض للمرضى من قبل أمراض بهم (52)، وبين ما يعرض لهم من (53) قبل أشياء خارجة عنهم؛ فإنه إن لم يفرق بين ذلك أوشك أن يغلط، فإنه إن عرض للمريض (54) إقشعرار من قبل الشمال، فتوهم (55) أنه من قبل كيموس حاد صفراوي أو بارد بلغمي، وأخذ في التدبير (56) بحسبه كان قمينا (57) بالغلط. فإذا ميز بين ما (58) يعرض من نفس المرض (59)، وبين ما (60) يعرض من سبب خارج، كان حكمه على المرضى أصح وأوكد. وقوله: "والبطون اليابسة" PageVW1P039B ينبغي أن يكون منصوبا بالنسق (61) PageVW3P052B على السعال، لأنه مما تحدثه الشمال. * فإن قيل: فكيف تحدث الشمال (62) البطون وهي جوهر، والشمال إنما تحدث الأعراض. قيل (63): PageVW0P045A لما وصفها بقوله يابسة صارت في حكم الأعراض، كما يقال: فلان به البطن. أي مرض البطن، فيستغنون بذكر موضع المرض عن المرض، وعلى هذا تصح الرواية الأخرى (64) وهي هكذا: فأما الشمال فتحدث السعال، والحلوق، والبطون اليابسة. ويريد بالحلوق أوجاع الحلوق، فحذف (65) للعلم به. وفي بعض النسخ قد يقسم هذا الفصل فصلين، فعند قوله: وأما الشمال يكون ابتداء الفصل الثاني.

Halaman tidak diketahui