Sharh Fath Qadir
شرح فتح القدير
Penerbit
دار الفكر
Nombor Edisi
الثانية
Lokasi Penerbit
بيروت
وأما قوله والطيب يحتمل الطاهر فحمل عليه ففيه أن مجرد كون اللفظ يحتمل معنى لا يوجب حمله عليه فالمعول عليه كون الطيب مرادا به الطاهر بالإجماع فكان الإجماع دليل إرادة هذا المحتمل وعلى هذا فالأوجه أن يقول وهو مراد بالواو لا بأو قوله ثم لا يشترط أن يكون عليه غبار عند أبى حنيفة وعند محمد يشترط لظاهر قوله تعالى
﴿فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه﴾
قلنا هي للابتداء في المكان إذ لا يصح فيها ضابط التبعيضية والبيانية وهو وضع بعض موضعها في الأولى ولفظ الذي في الثانية والباقي في الأول بحاله ويزاد في الثانى جزء ليتم صلة الموصول كما في
﴿فاجتنبوا الرجس من الأوثان﴾
أى الذي هو الأوثان ولو قيل فامسحوا بوجوهكم وأيديكم بعضه أفاد أن المطلوب جعل الصعيد ممسوحا والعضوين آلته وهو منتف اتفاقا قوله وكذا يجوز بالغبار مع القدرة على الصعيد عند أبى حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يجوز إلا عند العجز عنه كأن يكون في وحل وردغة بسفر أو بحر ولا يستطيع الماء وهذه إحدى الروايتين عنه وفي أخرى لا يجوز وفي رواية يتيمم به ويعيد والخلاف مبنى على أنه تراب خالص أو غالب أولا فعنده لا وعندهما نعم إذ لم يفارقه إلا بممازجة الهواء قوله ولنا أنه ينبىء على القصد الخ وهو ينبىء عن القصد لغة وليس المقصود في النص الخطاب بقصد الصعيد فيمسح به العضوين وإلا لكانت النية المعتبرة تلك وليس كذلك فإنه لو قصده للمسح لم تكن المعتبرة فضلا عما هو مدلول النص من أن يقصده فيرتب على قصده ذلك المسح وإنما المقصود أن لفظ التيمم وهو الاسم الشرعي ينبىء عن القصد والأصل أن يعتبر في الأسماء الشرعية ما ينبىء عنه من المعانى على ما عرف
قال المصنف في التجنيس النية المشروطة هي نية التطهير هو الصحيح انتهى
وما زاده غيره من نية استباحة الصلاة لا ينافيه إذ يتضمن نية التطهير وصرحوا بأنه لو تيمم لدخول المسجد أو للقراءة ولو من المصحف أو مسه أو زيارة القبور أو دفن الميت أو الأذان أو الإقامة أو السلام أو رده أو الإسلام لا تجوز الصلاة بذلك التيمم عند عامة المشايخ إلا من شذ وهو أبو بكر بن سعيد البلخى مع وجود نية التيمم في ضمن ذلك لأنه في الحاصل نوى التيمم لكذا فعلمنا أن نية نفس الفعل ليست بمعتبرة بل أن ينوى به المقصود من الطهارة والصلاة ولو صلاة الجنازة وسجدة التلاوة
نعم روى في النوادر لو مسح وجهه وذراعيه ينوى التيمم جاز به الصلاة
وعن أبى حنيفة فيمن تيمم لرد السلام يجوز فعلى هاتين تعتبر مجرد نية التيمم لكنه غير الظاهر من المذهب ولو تيمم يريد به تعليم الغير دون الصلاة لا يجوز عند الثلاثة وإذا كان كذلك فإنما أنبأ عن قصد هو غير المعتبر نية فلا يكون النص بذلك موجبا للنية المعتبرة ألا يرى أن قوله تعالى
﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا﴾
ينبىء عن الإرادة حتى استدل به من شرط النية للوضوء ووجهه أن التقدير إذا أردتم القيام بالصلاة وأنتم محدثون اتفاقا والغسل وقع جزاء لذلك والجزاء مسبب عن الشرط فيفيد وجوب الغسل لأجل إرادة الصلاة ومع ذلك كان التحقيق عدم إفادته وجوبها والكلام المذكور تمويه إذ المفاد بالتركيب مع المقدر إنما هو أن وجوب الغسل لأجل إرادة الصلاة مع الحدث لا إيجاب أن يغسل لأجل الصلاة إذ عقد الجزاء الواقع طلبا بالشرط يفيد طلب مضمون الجزاء إذا تحقق مضمون الشرط وأن وجوبه اعتبر مسببا عن ذلك فأين طلبه على وجه مخصوص هو فعله على قصد كونه لمضمون الشرط فتأمل ولقد خفى هذا على صاحب النهاية حتى لم يكافئه بالجواب
فإن قلت ذكرت أن نية التيمم لرد السلام لا تصححه على ظاهر المذهب مع أنه صلى الله عليه وسلم تيمم لرد السلام على ما أسلفته في الأول
Halaman 130