Syarh Diwan Hamasa
شرح ديوان الحماسة
Editor
غريد الشيخ
Penerbit
دار الكتب العلمية
Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Lokasi Penerbit
بيروت - لبنان
أبوا أن يبيحوا جارهم لعدوهم ... وقد ثار نقع الموت حتى تكوثرا
أبا، الفعل لبني التيم. يقول: امتنعوا من أن يخلوا بين جيرانهم قبيلة كلبٍ وبين أعدائهم حمير، وقد ارتفع غبار الموت حتى التف في الجو. وأراد بالجار والعدو الكثرة، إذ كان المراد بهما القبيلتين، وإنما أضاف النقع إلى الموت تهويلًا، ويجوز أن يريد بالموت الحرب. وتكوثر: تفوعل من الكثرة، يريد تراكم الغبار والتفافه. وهذا الذي أشار إليه بقوله تكوثر من التراكم، جعله بعضهم كالسحاب، وجعله بعضهم يسد عين الشمس حتى ظهرت له الكواكب، وحتى صار النهار بسببه كالليل. وتجاوز المتنبي جميع ذلك، حتى بلغ حدًا من الإفراط مسنشنعًا فقال:
عقدت سنابكها عليها عثيرًا ... لو تبتغي عنقًا عليه أمكنا
وإذا أردت بالموت المنية يكون المراد: كأن الموت أثار الرهج في سلب النفوس حتى كثف في الهواء. وهذا مثلٌ.
سموا نحو قيل القوم يبتدرونه ... بأسيافهم حتى هوى فتقطرا
يعني بني تيمٍ. يقول: ارتفعوا نحو رئيس القوم مستبقين إليه بأسيافهم فتناولوه حتى سقط. ومعنى تقطر: وقع على أحد قطريه. والقطران: الجانبان. وفي الكلام اختصارٌ، كأنه قال: ابتدروه بالأسياف وضربوه حتى سقط، فحذف ضربوه. وموضع يبتدرونه نصبٌ على الحال، وتعلق حتى بالمحذوف الذي بينته.
وكانوا كأنف الليث لا شم مرغمًا ... ولا نال قط الصيد حتى تعفرا
الأسد أحمى الحيوان أنفًا، ويبلغ من عجبه بنفسه أنه لا يتواضع لأكل صيد غيره. ونسب الأنفة إلى الأنف كما ينسب الحمية إليه. يقال: هو أحمى أنفًا من فلان، وآنف أنفًا منه، وحمى فلانٌ أنفه من كذا، أي أنف منه ولم يرض به. وحسن في الكناية عن الإباء والتصون عن الدناءة والمذلة قوله: " لا شم مرغمًا " بعد ذكر الأنف. فيقول: وكان بنو التيم في التمنع كالليث الذي لا يغمض على قذى، ولا يشم مرغمًا ومذلًا، ولا يصبر لشيءٍ على هوان، ولا يعطف على مكرهٍ وصغارٍ، ولا ينال الصيد قط حتى يكون هو المعفر. والعفر: التراب. هذا إذا رويت " قط الصيد
1 / 246