وبيت عتيبة بن الحارث:
ومثلي في غوائبكم قليل
وقال أبو العباس المبرد: هو الأصل في جميعه، ن ويجوز في الشعر.
فوارس لا يملون المنايا ... إذا دارت رحى الحرب الزبون
مللت الشيء أمله ملالًا وملالة ومللًا، إذا سئمته. ويقال: فلان ذو ملة طرف، إذا ضجر بشيء فتطرفه. قال:
إنك والله لذو ملة
ويجوز الرفع في فوارس على أن يكون خبر ابتداء مضمر، كأنه قال: هم فوارس. ويجوز النصب فيه على أن يكون بدلًا من فوارس الأولى، ولا يملون في موضع الصفة للفوارس. والمعنى فدت نفسي فوارس لا يضجرون بمكايدة الحرب ومقاساة الشدائد فيها، ولا يكرهون المقاتلة إذا دارت رحى الحرب بأهلها. والزبون: الدفوع، ومنه الزبانية. وإنما شبه الحرب بالناقة الزبون فوصف بصفتها، وهي التي تزبن حالبها وتدفعه برجلها. قال:
تزبن بالخفاف والمناسم ... عن ذروة تخضب كف الهاشم
ويقولون: ثبت فلان في رحى الحرب، أي حيث دارت رحاها. ومنية ومنايا، كصحيفة وصحائف، والأصل منائي فاستثقلت الضمة في الياء فحذفت ثم فروا من الكسرة وبعدها ياء إلى الفتحة فانقلبت الياء ألفًا فصار مناءا، فأبدلوا من الهمزة لتوسطها ألفين ياء فصار منايا.
ولايجزون من حسن بسيء ... ولايجزون من غلظ بلين
هذا الكلام من صفة الفوارس. يريد أنهم يعرفون مجاري الأمور ومقادير الأحوال فيوازنون الخشن بالخشن واللين باللين، كما قال الآخر:
تجازى الوافي بكيل واف ... ملآن والطفاف بالطفاف
1 / 33