75

Sharh Aqidah Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Editor

أحمد شاكر

Penerbit

وزارة الشؤون الإسلامية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٨ هـ

Lokasi Penerbit

والأوقاف والدعوة والإرشاد

الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، مَوْصُوفًا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ. وَاقْتِرَانُهُ بِالْحَيِّ يَسْتَلْزِمُ سَائِرَ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَيَدُلُّ عَلَى بَقَائِهَا وَدَوَامِهَا، وَانْتِفَاءِ النَّقْصِ وَالْعَدَمِ عَنْهَا أَزَلًا وَأَبَدًا. وَلِهَذَا كَانَ قَوْلُهُ: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ (١)، أَعْظَمَ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. فَعَلَى (٢) هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ مَدَارُ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى كُلِّهَا، وَإِلَيْهِمَا تَرْجِعُ مَعَانِيهَا. فَإِنَّ الْحَيَاةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، ولَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا صِفَةٌ مِنْهَا إِلَّا لِضَعْفِ الْحَيَاةِ، فَإِذَا كَانَتْ حَيَاتُهُ - تَعَالَى - أَكْمَلَ حَيَاةٍ وَأَتَمَّهَا، اسْتَلْزَمَ إِثْبَاتُهَا إِثْبَاتَ كُلِّ كَمَالٍ يُضَادُّ نَفْيُهُ كَمَالَ الْحَيَاةِ. وَأَمَّا"الْقَيُّومُ"فَهُوَ مُتَضَمِّنٌ كَمَالَ غِنَاهُ وَكَمَالَ قُدْرَتِهِ، فَإِنَّهُ الْقويمُ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الْمُقِيمُ لِغَيْرِهِ، فَلَا قِيَامَ لِغَيْرِهِ إِلَّا بِإِقَامَتِهِ. فَانْتَظَمَ هَذَانِ الِاسْمَانِ صِفَاتِ الْكَمَالِ أَتَمَّ انْتِظَامٍ.
قَوْلُهُ: (خَالِقٌ بِلَا حَاجَةٍ، رَازِقٌ بِلَا مؤنَةٍ)
ش: قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ﴿مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾ ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ (٣). ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (٤). ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ (٥). ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ (٦). وَقَالَ ﷺ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ﵁: «يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ

(١) سورة الْبَقَرَةِ آية: ٢٥٥.
(٢) في المطبوعة «فعلا»، وهو خطأ.
(٣) سورة الذَّارِيَاتِ الآيات: ٥٦، ٥٧، ٥٨.
(٤) سورة فَاطِرٍ آية: ١٥.
(٥) سورة مُحَمَّدٍ آية: ٣٨.
(٦) سورة الْأَنْعَامِ آية: ١٤.

1 / 78