Sharh Aqidah Tahawiyya
شرح العقيدة الطحاوية
Editor
أحمد شاكر
Penerbit
وزارة الشؤون الإسلامية
Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٨ هـ
Lokasi Penerbit
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Genre-genre
Akidah dan Kepercayaan
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَكَمَا أَنَّ مَنْزِلَةَ الْخُلَّةِ الثَّابِتَةِ لِإِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَدْ شَارَكَهُ فِيهَا نَبِيُّنَا ﷺ كَمَا تَقَدَّمَ، كَذَلِكَ مَنْزِلَةُ التَّكْلِيمِ الثَّابِتَةِ لِمُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَدْ شَارَكَهُ فِيهَا نَبِيُّنَا ﷺ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ.
وَهُنَا سُؤَالٌ مَشْهُورٌ، وَهُوَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ ﷺ، فَكَيْفَ طُلِبَ لَهُ مِنَ الصَّلَاةِ مِثْلُ مَا لِإِبْرَاهِيمَ، مَعَ أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ أَصْلُهُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الْمُشَبَّهِ؟ وَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْمُتَنَافِيَيْنِ؟ وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ الْعُلَمَاءُ بِأَجْوِبَةٍ عَدِيدَةٍ، يَضِيقُ هَذَا الْمَكَانُ عَنْ بَسْطِهَا، وَأَحْسَنُهَا: أَنَّ آلَ إِبْرَاهِيمَ فِيهِمُ الْأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ لَيْسَ فِي آلِ مُحَمَّدٍ مِثْلُهُمْ، فَإِذَا طُلِبَ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَلِآلِهِ مِنَ الصَّلَاةِ مِثْلُ مَا لِإِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ - وَفِيهِمُ الْأَنْبِيَاءُ - حَصَلَ لِآلِ مُحَمَّدٍ ما يليق بهم، فإنهم لَا يَبْلُغُونَ مَرَاتِبَ الْأَنْبِيَاءِ، وَتَبْقَى الزِّيَادَةُ الَّتِي لِلْأَنْبِيَاءِ وَفِيهِمْ إِبْرَاهِيمُ لِمُحَمَّدٍ ﷺ، فَيَحْصُلُ لَهُ مِنَ الْمَزِيَّةِ مَا لَمْ يَحْصُلْ لِغَيْرِهِ.
وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ، بَلْ هُوَ أَفْضَلُ آلِ إِبْرَاهِيمَ، فَيَكُونُ قَوْلُنَا: "كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ"- مُتَنَاوِلًا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ.
[[وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِإِبْرَاهِيمَ أَيْضًا. كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ٣٣] فَإِبْرَاهِيمُ وَعِمْرَانُ دَخَلَا فِي آلِ إِبْرَاهِيمَ وَآلِ عِمْرَانَ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ﴾ [الْقَمَرِ: ٣٤]. فَإِنَّ لُوطًا دَاخِلٌ فِي آلِ لُوطٍ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٤٩] وَقَوْلِهِ: ﴿أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [المؤمن: ٤٦] فَإِنَّ فِرْعَوْنَ دَاخِلٌ فِي آلِ فِرْعَوْنَ. وَلِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَكْثَرُ رِوَايَاتِ حَدِيثِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ إِنَّمَا فِيهَا كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي كَثِيرٍ مِنْهَا: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ يَرِدْ: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا فِي قَلِيلٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، يَدْخُلُ آلُهُ تَبَعًا. وَفِي قَوْلِهِ: كَمَا صليت على آل إبراهيم، هو داخل آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَذَلِكَ لَمَّا جَاءَ أَبُو أَوْفَى ﵁ بصدقة إِلَى النَّبِيَّ ﷺ دَعَا لَهُ النَّبِيُّ ﷺ وَقَالَ: «اللهم صل على آل أبي أوفى»]] (*)
وَلَمَّا كَانَ بَيْتُ إِبْرَاهِيمَ ﵇ أَشْرَفَ بُيُوتِ الْعَالَمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، خَصَّهُمُ اللَّهُ بِخَصَائِصَ:
مِنْهَا: أَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ، فَلَمْ يَأْتِ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ نَبِيٌّ إِلَّا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَكُلُّ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ بَعْدَهُمْ فَإِنَّمَا دَخَلَ مِنْ طَرِيقِهِمْ وَبِدَعْوَتِهِمْ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ اتَّخَذَ منهم الخليلين، كما تقدم ذكره.
(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: الفقرة بين [[المعكوفين المزدوجين]] ليست في المطبوعة واستدركتها من مطبوعة المكتب الإسلامي بتحقيق الشيخ الألباني ﵀
1 / 275