Sharh Aqidah Tahawiyya
شرح العقيدة الطحاوية
Penyiasat
أحمد شاكر
Penerbit
وزارة الشؤون الإسلامية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٨ هـ
Lokasi Penerbit
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Genre-genre
Akidah dan Kepercayaan
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي﴾. فَأَعْلَمَهُ أَنَّ الْجَبَلَ مَعَ قُوَّتِهِ وَصَلَابَتِهِ لَا يَثْبُتُ لِلتَّجَلِّي فِي هَذِهِ الدَّارِ، فَكَيْفَ بِالْبَشَرِ الَّذِي خُلِقَ مِنْ ضَعْفٍ؟ الْخَامِسُ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الْجَبَلَ مُسْتَقِرًّا، وَذَلِكَ مُمْكِنٌ، وَقَدْ عَلَّقَ بِهِ الرُّؤْيَةَ، وَلَوْ كَانَتْ مُحَالًا لَكَانَ نَظِير أَنْ يَقُولَ: إِنِ اسْتَقَرَّ الْجَبَلُ فَسَوْفَ آكُلُ وَأَشْرَبُ وَأَنَامُ. وَالْكُلُّ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ.
السَّادِسُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ (١)، فَإِذَا جَازَ أَنْ يَتَجَلَّى لِلْجَبَلِ الَّذِي هُوَ جَمَادٌ لَا ثَوَابَ لَهُ وَلَا عِقَابَ، فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَتَجَلَّى لِرُسُلِهِ وَأَوْلِيَائِهِ فِي دَارِ كَرَامَتِهِ؟ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمَ مُوسَى ﵇ أَنَّ الْجَبَلَ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ لِرُؤْيَتِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، فَالْبَشَرُ أَضْعَفُ.
السَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى وَنَادَاهُ وَنَاجَاهُ، وَمَنْ جَازَ عَلَيْهِ التَّكَلُّمُ وَالتَّكْلِيمُ وَأَنْ يُسْمِعَ مُخَاطِبَهُ كَلَامَهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ - فَرُؤْيَتُهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ. وَلِهَذَا لَا يَتِمُّ إِنْكَارُ رُؤْيَتِهِ إِلَّا بِإِنْكَارِ كَلَامِهِ، وَقَدْ جَمَعُوا بَيْنَهُمَا. وَأَمَّا دَعْوَاهُمْ تَأْيِيدُ النَّفْيِ بِـ «لَنْ» وَأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الرُّؤْيَةِ فِي الْآخِرَةِ، فَفَاسِدٌ، فَإِنَّهَا لَوْ قُيِّدَتْ بِالتَّأْبِيدِ لَا يَدُلُّ عَلَى دَوَامِ النَّفْيِ فِي الْآخِرَةِ، فَكَيْفَ إِذَا أُطْلِقَتْ؟ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا﴾ (٢)، مَعَ قَوْلِهِ: ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ (٣). وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّأْبِيدِ الْمُطْلَقِ لَمَا جَازَ تَحْدِيدُ الْفِعْلِ بَعْدَهَا، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي﴾ (٤). فَثَبَتَ أَنَّ «لَنْ» لَا تَقْتَضِي النَّفْيَ الْمُؤَبَّدَ.
قَالَ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى:
وَمَنْ رَأَى النَّفْيَ بِلَنْ مُؤَبَّدًا ... فَقَوْلُهُ ارْدُدْ وَسِوَاهُ فَاعْضُدَا
وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ: فَالْاسْتِدْلَالُ بِهَا عَلَى الرُّؤْيَةِ مِنْ وَجْهٍ حَسَنٍ لَطِيفٍ،
(١) سورة الْأَعْرَافِ آية ١٤٣.
(٢) سورة الْبَقَرَةِ آية ٩٥.
(٣) سورة الزُّخْرُفِ آية ٧٧.
(٤) سورة يُوسُفَ آية ٨٠.
1 / 157