62

Sharh Cala Muwatta

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

Penyiasat

طه عبد الرءوف سعد

Penerbit

مكتبة الثقافة الدينية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1424 AH

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Sains Hadis
نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ بَرْدٍ وَزَمْهَرِيرٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ، وَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ حَرٍّ أَوْ حَرُورٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ» " قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: قِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّهَا إِذَا تَنَفَّسَتْ فِي الصَّيْفِ قَوَّى لَهَبُ تَنَفُّسِهَا حَرَّ الشَّمْسِ، وَإِذَا تَنَفَّسَتْ فِي الشِّتَاءِ دَفَعَ حَرُّهَا شِدَّةَ الْبَرْدِ إِلَى الْأَرْضِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَفْظُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَفَسَهَا فِي الشِّتَاءِ غَيْرُ الشِّتَاءِ وَنَفَسَهَا فِي الصَّيْفِ غَيْرُ الصَّيْفِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: إِنْ قِيلَ كَيْفَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْبَرْدِ وَالْحَرِّ فِي النَّارِ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ جَهَنَّمَ فِيهَا زَوَايَا فِيهَا نَارٌ وَزَوَايَا فِيهَا زَمْهَرِيرٌ وَلَيْسَتْ مَحَلًّا وَاحِدًا يَسْتَحِيلُ أَنْ يَجْتَمِعَا فِيهِ.
وَقَالَ مُغَلْطَايُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الَّذِي خَلَقَ الْمُلْكَ مِنْ ثَلْجٍ وَنَارٍ قَادِرٌ عَلَى جَمْعِ الضِّدَّيْنِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ.
وَأَيْضًا فَالنَّارُ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ لَا تُقَاسُ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ جَهَنَّمَ مُطْبِقَةٌ مُحَاطٌ عَلَيْهَا بِجِسْمٍ يَكْتَنِفُهَا مِنْ جَمِيعِ نَوَاحِيهَا، وَالْحِكْمَةُ فِي التَّنْفِيسِ عَنْهَا إِعْلَامُ الْخَلْقِ بِأُنْمُوذَجٍ مِنْهَا. انْتَهَى.
وَفِي الطَّبَرَانِيِّ الْكَبِيرِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " «تَطْلُعُ الشَّمْسُ مِنْ جَهَنَّمَ فِي قَرْنِ شَيْطَانٍ وَبَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ فَمَا تَرْتَفِعُ مِنْ قَصَبَةٍ إِلَّا فُتِحَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا كُلُّهَا» ".
قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّنَفُّسَ يَقَعُ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَعَلَى أَنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ حَقِيقَةً. انْتَهَى.
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ فَذَكَرَهُ.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ»
ــ
٢٩ - ٢٩ - (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ الْقُرَشِيِّ، مَوْلَاهُمُ الْمَدَنِيِّ، يُكَنَّى بِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثِقَةٌ فَقِيهٌ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ، رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ، وَلَقِيَ ابْنَ عُمَرَ وَأَبَا أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ وَعَنْ خَلْقٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَهُوَ مِمَّنْ سُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ، وَكَانَ يَغْضَبُ مِمَّنْ يُلَقِّبُهُ بِأَبِي الزِّنَادِ.
وَقَالَ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ: رَأَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ دَخَلَ الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ وَمَعَهُ مِنَ الْأَتْبَاعِ مِثْلُ مَا مَعَ السُّلْطَانِ، فَمِنْ سَائِلٍ عَنْ فَرِيضَةٍ وَعَنِ الْحِسَابِ وَعَنِ الشِّعْرِ وَعَنِ الْحَدِيثِ وَعَنْ مُعْضِلَةٍ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: رَأَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ وَخَلْفَهُ ثَلَاثُمِائَةِ تَابِعٍ مِنْ طَالِبِ فِقْهٍ وَعِلْمٍ وَشِعْرٍ وَصُنُوفِ الْعِلْمِ، مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ بَعْدَهَا.
(عَنِ الْأَعْرَجِ) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) وَهَذَا الْإِسْنَادُ مِنَ الْأَسَانِيدِ الْمَوْصُوفَةِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَصَحُّ أَسَانِيدِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ») قَالَ فِي الْقَبَسِ: لَيْسَ لِلْإِبْرَادِ فِي الشَّرِيعَةِ تَحْدِيدٌ إِلَّا مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " «كَانَ قَدْرُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةَ أَقْدَامٍ إِلَى

1 / 112