280

Sharh Cala Mawahib

شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1417 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Sirah Nabi
ما نتخوف، قالت حليمة فاحتملناه حتى قدمنا به مكة على أمه، فقالت: ما ردكما به، فقد كنتما حريصين عليه؟ قلنا نخشى عليه الإتلاف والإحداث، فقالت: ما ذاك بكما، فاصدقاني شأنكما، فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره، قالت: أخشيتما عليه الشيطان، كلا والله ما للشيطان عليه سبيل، وإنه لكائن لابني هذا شأن عظيم فدعاه عنكما.

ما نتخوف" أي: ما نتخوفه، فالمفعول محذوف "قالت حليمة: فاحتملناه حتى قدمنا به مكة على أمه" بعد أن ضل منا في باب مكة حين نزلت لأقضي حاجتي، فأعلمت عبد المطلب بذلك فطاف بالبيت أسبوعًا، ودعا الله برده، فسمع مناديًا ينادي: معاشر الناس، لا تضحوا فإن لمحمد ربا لا يضيعه ولا يخذله، قال عبد المطلب: يا أيها الهاتف، من لنا به؟ وأين هو؟ قال بوادي تهامة، فأقبل عبد المطلب راكبًا متسلحًا، فلما صار في بعض الطريق لقي ورقة بن نوفل، فسارا جميعًا فوجدوه ﷺ تحت شجرة، وفي رواية: بينا أبو مسعود الثقفي وعمرو بن نوفل على راحلتيهما إذ هما به قائمًا عند شجرة الموز يتناول من ورقها، فأقبل إليه عمرو، وهو لا يعرفه، فقال: من أنت؟ قال: أنا محمد بن عبد المطلب بن هاشم، فاحتمله بين يديه على الراحلة حتى أتى به عبد المطلب، وعن ابن عباس: لما رد الله محمدًا ﷺ على عبد المطلب تصدق بألف ناقة كوماء وخمسين رطلا من ذهب، وجهز حليمة أفضل الجهاز؛ كذا في الخميس. "فقالت" أمه: ما ردكما" أي شيء ردكما "به، فقد كنتما حريصين عليه" أي: على مقامه عندكما، "قلنا: نخشى عليه الإتلاف والإحداث" أي: الأسباب العارضة المقتضية لإتلافه أو حصول الأمراض له، "فقالت: ما ذاك؟ " بكسر الكاف خطاب لحليمة، أي: ما خوف الإتلاف والإحداث حملكما على رده، أو بفتح الكاف على أنه خطاب لزوج حليمة، أو على أن الكاف المتصلة باسم الإشارة مفتوحة أبدًا، "فاصدقاني شأنكما" حالكما الحامل لكما على رده، "فلم تدعنا" تتركنا "حتى أخبرناها خبره، قالت" إنكارًا عليهما، "أخشيتما عليه الشيطان" إبليس أو الجنس وهو أظهر، زاد في رواية ابن إسحاق عن حليمة، قلت: نعم، قالت: آمنة "كلا" ردع لهما عن خشية الشيطان عليه، "والله ما للشيطان عليه سبيل" طريق يتوصل له منها "وإنه لكائن لابني هذا شأن" أمر "عظيم" قالت ذلك لما شاهدته في حملها به وعند ولادته؛ كما صرحت به لحليمة، فقالت كما في حديث ابن إسحاق: أفلا أخبرك خبره، رأيت حين حملت به خرج مني نور أضاء له قصور بصرى من أرض الشام، ثم حملت به، فوالله ما رأيت من حمل قط كان أخف منه ولا أيسر منه، ووقع حين ولدته وإنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه إلى السماء. "فدعاه عنكما" وظاهر هذا السياق، بل صريحه: أن شق الصدر ورجوعه إلى أمه كانا في

1 / 281