شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير
شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير
Genre-genre
«ما منكم من أحد» و(ما) من صيغ العموم، نافية، و(أحد) نكرة في سياق النفي، وأدخل عليها (من) للتأكيد، فالنص عام للمتقدمين والمتأخرين، للذكور والنساء، للصغار والكبار.
«ما منكم من أحد يتوضأ» الوضوء الشرعي كما جاء عن النبي ﵊ من قوله وفعله بيانًا لما أوجب الله ﷾ في آية الوضوء «فيسبغ الوضوء» يعني يتمه، يتمه يأتي به تامًا كاملًا، من غير نقص ولا خلل «ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية» يأتي بالشهادتين محققًا لهما، عاملًا بمقتضاهما، وإلا إذا كان يلفظ بهاتين الشهادتين ويأتي بما ينقضهما فإن اللفظ لا يكفيه ولا ينفعه، إذا كان يقول بعد الوضوء، بل في كل وقت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله وهو يستعين بغير الله، ويستغيث بغير الله، ويطوف حول الأضرحة والقبور، هذا لا ينفع، ولو توضأ على أكمل وجه ثم تشهد هذه الشهادة التي هي بمجرد لسانه، يكذبها قوله وعمله، فإن هذا لا ينفعه «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له» أنت تجعل مع الله إلهًا آخر بفعلك المناقض لهذه الشهادة، فكيف تقول: وحده لا شريك له؟ وأنت تشرك معه غيره؟
«وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» ومقتضى هذه الشهادة للنبي ﵊ بالرسالة طاعته في جميع ما أمر به، وترك جميع ما نهى عنه ﵊، وأن يتبع، ولا يعبد الله إلا بما شرع ﵊، أما من أخل بهذه الشهادة وهي شهادة أن محمدًا عبد الله ورسوله فإنه لا ينفعه النطق، من يقول: أشهد أن محمدًا عبده ورسوله ويغلو به، ويصرف له شيء من حقوق الله ﷿ لا تنفعه هذه الشهادة، بل هو مكذب لهذه الشهادة، كيف يقول: محمد عبد ويصرف له بعض أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله ﷿؟ بل وجد من يغلو به ﵊، ويجعله في مقام الربوبية، بل منهم من لم يترك لله ﷿ حق، بل صرف جميع الحقوق للنبي ﵊، يا رسول الله أغثني، يا رسول الله أدركني.
6 / 25