============================================================
شرح الأنفاس الروحانية فان أمكنه ذلك وقدر في نفسه وخيل في باطنه يلتهب الآن حبه فيعلمه ضرورة فلو أن المريد في عالم التصوف وصل إلى الحقيقة المراد ودام وصاله مع الحقيقة هل يتصور له الزيادة في الحب حتى يصير شوقا، وعشقا يحمله على الطلب شاء أم أبى، أو لا يتصور ذلك؟
قلنا: فيما وصل إليه فلا يتصور وفيما فوقه يتصور بياته أن الحقيقة لا نهاية لها، ولا غاية لعجاثب صفاتها فيما من منزل وصل إليه وتحصل له إلا و فيما وراءه الطف من ذلك وأطيب منه، وإن العارف كلما يقول في منزل لوقف على منزل فوقه المحب، ذلك كأنه يراه من بعيد، أو يسمع من صادق آن فوقه كذا، وكذا فيرتقى في معاريجه دائما، ويشاهد العجائب ويشتاق إلى ما لم يصل إليه، غير أن ذلك الشوق، والاشتياق لا يكون مؤذيا بل يكون لذيذا، لأن أصل الوصال قائم، وإنما يشتقاق إلى زيادة المزيد فلا يؤذيه الاشتياق؛ و لأن رجاء الوصول إلى ما لم يصل محكم، فلا يؤذيه الشوق هذه الجملة في إرادة العبد مولاه ومحبته إياه.
فاما محبة الله تعالى لعبده فهي إرادة تخصيصه وتييزه عن عموم عباده أو اكثر عباده بآياد مخصوصة أعنى بأيادى لا ينعم بمثلها على عامة عباده، وانما ينعم به الخواص وهم الأنبياء، والأولياء وأدنى ذلك الأيادي في عالم الأجساد و الكرامات الخارقة للعادة وأعلاها الوصال الدائم في عوالم الذات، وبلعام بن باعوراء كان محبوب الله تعالى حين كرمه بكرامات لكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فأبغض الله تعالى، ولو تقرر على ما كان فيه، وأرسى قدمه لرفعه الله تعالى إلى أعلى العليين بمحيته، وأوصله إلى الوصال الدائم ولا يتصور في محبة الله تعالى لعبده الشوق إليه، لأن المحبوب لا يعزب عنه تعالى مثقال ذرة ويتصور الترجح فيكون هذا محبوب الله تعالى والآخر أحب منه عند الله تعالى وقد يحبه بعد أن لم
Halaman 258