237

Sharh Anfas Ruhaniyya

Genre-genre

============================================================

شرح الأنفاس الروحانية قال الجنيد قدس الله سره: "الوجد يحجى الكل، والمشاهدة يميت الكل، والوجد أفضل" يعني الوجد يقوي الحب، ويجدد الود ويجدد الشوق، ويحرض الواجد على طلب الوصال بمن وجد به وجده والمشاهدة تسكن الحب وتطفي من الود لوعة الشوق، فكان الوجد أفضل لذلك السبب والأمر على العكس عندي؛ لأن غرة الحب وشرف الشوق لكون الحب عونا وكون الشوق سوقا إلى المحبوب ولا فضيلة للوسيلة إلا بتطفل الموسول إليه تقهم إن شاء الله وحده.

قال ابن عطاء: "الشاهدة أفضل" وهذا الكلام أصح مما قال الجنيد لما أشرت إليه من قبل.

قال النوري: "الاخبار بالوجد فقد الوجد" يعني : إذا ظهر أثر الوجد على ظاهر الواجد فقد الوجد وعنى بالاخبار اضطراب الواجد في الظاهر، وهذا صحيح؛ لأن الاضطراب الظاهر إن كان صادقا لا كاذبا كان من النفس والطبع يحملان الواجد على هذا الاضطراب كي يزول وجده الذي يشق عليه شقا بذلك الاضطراب ويعود الواجد عما وجد إلى نفسه ويسهل الشأن على النفس والطيع فكان اضطرابه ظاهرا دليلا على زوال الوجد لكونه منافيا للوجد ولأنه لو كان الوجد قائما باقيا لما قدر الواجد على تحريك أطرافه الظاهرة لكن خر صعقا ولأن الوجد يكون لحظة كلمح البصر إذ لو بقي ودام إنما يبقى ويدوم بدوام ما وجد، فلو دام ما وجد كان مشاهدة، والمشاهدة غير الوجد، بل هى مانعة للوجد على ما سبق شرحه: وقال النوري : "المشاهدة الغرق، والوجد اهلاك" يعني المشاهدة غرق في الموجود المحبوب الحاضر أي: وصول إليه كوصول الغريق في الماء إلى الماء وليس مجرد الغرق هلاتا ولا سيما غرق المحب في المحبوب كغرق البط في الماء.

Halaman 237