============================================================
شرح الأنفاس الروحانية ذلك من أحد منهم إنما المشهور من كبار أئمة الصوفية ما ذكرنا أن النسيان مأخوذ على المريد ويدل على صدق مذهبهم قول الله تعالى: وعصى آدم ربه فغوى} (طه: 12] سماه عاصيا مع كونه ناسيا بدليل قول الله تبارك وتعالى: فتسي ولم نجذ له عزما} [طه: 115] فدل أن النسيان في حق البالغ ليس بعذر، وعن النبي قال حسنات الأبرار سيئات المقربين (1)" فإذا كان حال الحسنات هكذا فكيف حال السيئات، فافهم إن شاء الله وحده.
(1) ذكره القاري في المصنوع (111)، وفي الموضوعات الكبرى (ص186)، والشوكاني في الفوائد المجموعة (733)، وفي كتابنا أحاديث مشهورة لكنها لا تصح، وعزوه لأبي سعيد الخراز، كما رواه ابن عساكر في ترجمته، وأورده السندروسي في الكشف الالهي (351)، وعزاء للزهري: قلت: وحكي أيضا عن ذي التون المصري، وقد عزاه الزركثي للجنيد، والقرطبي في التفسير (309/1)، وانظر: كشف الخفاء (428/1)، وكتابنا الإمام الجنيد (ص133).
فائدة: قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني: واختلفوا في الصغاتر في حق الأنبياء والكمل والذي عيه الأكثر أن ذلك غير جائز عليهم، وصار بعضهم إلى تجويزها، ولا أصل لهذه المقالة.
وقال بعض المتأخرين ممن ذهب إلى القول الأول الذي ينبغي أن يقال: إن الله تعالى قد أخبر يوقوع ذنوب من بعضهم، ونسبها إليهم، وعاتبهم عليها، وأخبروا بها عن تفوسهم، وتنصلوا منها، وأشققوا منها، وتابوا، وكل ذلك ورد في مواضع كثيرة لا يقبل التأويل جملتها، وإن قبل ذلك آحادها، وكل ذلك مما لا يزري بمناصبهم، وإنما تلك الأمور التي وقعت منهم على وجه الندور، وعلى وجه الخطأ والنسيان، أو تأويل دعا إلى ذلك فهي بالتسبة إلى غيرهم حسنات، وفي حقهم سينات بالنسبة إلى متاصبهم وعلو اقدارهم؛ إذ قد يؤاخذ الوزير بما يثاب عليه السائس، فأشفقوا من ذلك في موقف القيامة مع علمهم بالأمن والأمان والسلامة.
قال: وهذا هو الحق، ولقد أحسن الجنيد حيث قال: حنات الأبرار سيئات المقربين؛ فهم صلوات الله وسلامه عليهم وإن كان قد شهدت النصوص بوقوع ذنوب منهم فلم يخل ذلك بمناصبهم، ولا قدح في رتبهم، بل قد تلافاهم، واجتباهم وهداهم، ومدحهم، وزكاهم، واختارهم، واصطفاهم صلوات الله عليهم وسلامه. وانظر : تفسير القرطبي (3،9/1).
Halaman 110