============================================================
شرح الأنفاس الروحانية قصل ثم اعلم أن من أدرك تفسير ألفاظ قوم لابد أن يحمل على ما أوردها ويفسر على ما اصطلحوا عليها، وإلأ كان تفسيره مزيذا في الاجمال، وإرشادا إلى الجهل والضلال، ولا يهتدي إلى مثل ذلك التفسير إلأ من علم علومهم، ولسانهم ولا سبيل إلى ذلك مشاهدة، ومشافهة منهم إلآلتلك أمة قذ خلت لها ما كسبت} 1البقرة:134] فلم ييق طريق إذا، إلآ أن يعرف حرفتهم، وصنائعهم، وما كانوا يتعاملونها فيما بينهم من العدد، والأدوات ويستعملونها من الآلات، ويشاركهم في الأعمال، والاستعمال، ويقتدى بهم فيما سبقوه فيقف على معاني أقوالهم، وماهيات أعماهم بالارتقاء على مقاماتهم، ومتازلهم، فيشاهد أحواهم، وأفعالهم.
وإن هؤلاء المشايخ أعنى أئمة الصوفية كانت آلاتهم القلوب، وأدواتهم الأرواح، وعددهم الهم، وأقواهم الأسرار، وأعمالهم المعاريج، ودأبهم الوقوف بالدوام بين يدي الله تعالى متوجها إليه، متوكلا عليه، فارا عن كل ما لديه سواه قالوا: لا إله إلا الله أي: لا شيء إلأ الله، ولا موجود إلآ الله، ولا باق إلآ الله، ولا دائم إلا الله، ولا إله إلا الله، كما قال الله تعالى: { كل شيء هالك إلا وجهه) [القصص:88] معناه كل شيء لا شيء إلا الله، وكل موجود فان إلا الله، وشددوا في ذلك المضايقة حتى قالواة لامن أحب الله لبره فهو مشرك بالبار، ومن شكر الله لنعمه فقد أشرك، ومن نظر إلى غير الله ققد ارتد، من علم الغير عند معرفة الله فهو بالله جاهل، ومن ذكر عند ذكر الله غير الله فهو عايد الوثن".
ومن هنا قالوا: إن الصوفي لا يجد رائحة التوحيد إلآ بالفناء، وقالوا: لو رأى الموحد توحيده فقد أشرك: والتوحيد عندهم ألأ يذكر شيئا إلآ الله تعالى، ولا يعلم شيء إلاهو، ولا
Halaman 103