Sharh al-Wiqayah
شرح الوقاية
Penyiasat
صلاح محمد أبو الحاج
Penerbit
دار الوراق
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
1426 AH
Lokasi Penerbit
عمان
Genre-genre
Fiqh Hanafi
منهم، وبعض يخالف ما روي عن رسول الله ﷺ، بل إن لبعضهم أقوال تخالف ما روي من الأحاديث، وكذا ورد عنهم أقوال أجمعوا واتَّفقوا عليها.
فمِن بين الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة والآثار المختلفة عن الصحابة والمجمع عليها لا بدَّ من استخراج الحكم الشرعيّ سواء أكان في العبادات أم الأحوال أم المعاملات أم غيرها، وهذه هي مهمّةُ المجتهد التي إذا أقدم عليها غيرُه ضلَّ، قال تقي الدين السُّبكي (^١): نسب قول: الحديث مضلَّة إلا للفقهاء؛ إلى كل من ابن وهب والليث بن سعد وابن عيينة ﵃، ولا يخفى معناه على مَن له نوع اتّصال بكتب العلم وأهله، وروي قريب من معناه عن أئمة آخرين. انتهى.
وقد أوجد الله تعالى في هذه الأمّة العديد من المجتهدين على طوال القرون، كلٌّ منهم يبذل قصارى جهده في استخلاص أصول وقواعد يحتكم إليها في استنباط الأحكام الشرعيّة، وهذا الأصول والقواعد التي قعَّدها لنفسه تتفاوت قوَّة وضعفًا في استيعابها للمسائل الفقهية في بابها، وكُلَّما كان للمجتهد قواعد أكثرَ استيعابًا لفروعها كان الفقيه أكثر اجتهادًا وفقهًا من غيره، وأقدر على القيام بهذه المهمّة، فيحيط به التلاميذ من كلِّ حدب، ويقبل عليه الناس مستفتين، يصور هذا المعنى ما نقل عن زفر تلميذ الإمام أبي حنيفة ﵁:
أنه قدم البصرة، وكان الشائع فيها رأي عثمان البَتِيّ، وهو رئيسها وفقيهها، فكان يأتي حلقته فيسمع مسائلهم، فإذا وقفَ على الأصل الذي بنوا عليه تتبع فروعهم التي فرّعوا على ذلك الأصل، فإذا وقفَ على تركِهم الأصل طالب البَتِيّ حتى يلزمه قوله، ويبيّن له خروجه عن أصله، فيعود أصحابه شهودًا عليه بذلك، فإذا وقف أصحاب البَتِيّ على ذلك واستحسنوا ما كان منه، قال لهم: ففي هذا الباب أحسن من هذا الأصل، ويذكره له، ويقيم الحجّة عليه فيه، ويأتيهم بالدلائل عليه، ويطالب البَتِيّ بالرجوع إليه، ويشهد أصحابه عليه بذلك ثمَّ قال لهم: هذا قول أبي حنيفة ﵁،
(^١) في «معنى قول الإمام المطلبي إذا صحّ الحديث فهو مذهبي» (ص ١٨).
1 / 62