Sharh Al-Tadmuriyyah - Al-Khamees
شرح التدمرية - الخميس
Penerbit
دار أطلس الخضراء
Nombor Edisi
١٤٢٥هـ/٢٠٠٤م
Genre-genre
لمنازعه فيما أثبته، فإذا قال المعتزليُّ: ليس له إرادة ولا كلام قائم به لأن هذه الصفات لا تقوم إلا بالمخلوقات، فإنه يُبيَّن للمعتزلي أن هذه الصفات يتصف بها القديم، ولا تكون كصفات المحدثات، فهكذا يقول له المثبتون لسائر الصفات من المحبة والرضا، ونحو ذلك.
فإن قال: تلك الصفات أثبتها العقل؛ لأن الفعل الحادث دل على القدرة، والتخصيص دل على الإرادة، والإحكام دل على العلم، وهذه الصفات مستلزمة للحياة، والحي لا يخلو عن السمع والبصر والكلام أو ضد ذلك.
قال له سائر أهل الإثبات: لك جوابان:
أحدهما: أن يقال: عدم الدليل المعيَّن لا يستلزم عدم المدلول المعيَّن، فهب أن ما سلكته من الدليل العقلي لا يثبت ذلك فإنه لا ينفيه، وليس لك أن تنفيه بغير دليل؛ لأن النافي عليه الدليل كما على المثبت، والسمع قد دل عليه، ولم يعارض ذلك معارض عقلي ولا سمعي، فيجب إثبات ما أثبته الدليل السالم عن المعارض المقاوم.
الثاني: أن يُقال: يمكن إثبات هذه الصفات بنظير ما أثبتَّ به تلك من العقليات، فيقال: نفع العباد بالإحسان إليهم يدل على الرحمة، كدلالة التخصيص على المشيئة، وإكرام الطائعين يدل على محبتهم وعقاب الكفار يدل على بغضهم، كما قد ثبت بالشاهد والخبر من إكرام أوليائه وعقاب أعدائه، والغايات المحمودة في مفعولاته ومأموراته - وهي ما تنتهي إليه مفعولاته ومأموراته من العواقب الحميدة - تدل على حكمته البالغة كما يدل التخصيص على المشيئة وأوْلى، لقوة العلة الغائية، ولهذا كان ما في القرآن من بيان ما في مخلوقاته من النعم والحكم أعظم مما في القرآن من بيان ما فيها من الدلالة على محض المشيئة.
وإن كان المخاطب ممن ينكر الصفات، ويقرّ بالأسماء كالمعتزلي، الذي يقول: إنه حي عليم قدير، وينكر أن يتصف بالحياة والعلم والقدرة.
قيل له: لا فرق بين إثبات الأسماء وبين إثبات الصفات، فإنك إن قلت: إثبات الحياة والعلم والقدرة يقتضي تشبيهًا وتجسيمًا، لأنّا لا نجد
1 / 137