193

Sharh al-Mawaqif

شرح المواقف

Genre-genre

============================================================

المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية أصله المنحصر فيهما (ولا طريق) إلى العلم (غيرهما) أي غير الضرورة والنظر (وأمثلهم) أي أفضل السوفسطائية (اللاأدرية) القائلون بالتوقف فإنهم قالوا: ظهر بكلام الفريقين تطرق التهمة إلى الحاكم الحسي والعقلي، فلا بد من حاكم آخر وليس ذلك الحاكم هو النظر لأنه فرعهما، فلو صححناهما به لزم الدور، وليس لناشي يحكم، سوى الضرورة والنظر، وقد بطلا فوجب التوقف في الكل، فإذا قيل لهم : لقد قطعتم بشبهتكم هذه ببطلان الحسيات والبديهيات والنظر جميما. وبوجوب التوقف فقد ناقضتم بكلامكم كلامكم (قالوا: كلامنا هذا لا يفيدنا قطعا) بذلك البطلان والوجوب (فيتناقض) بنفسه كما توهمتم (بل) يفيدنا (شكلا فأنا شاك) في بطلان تلك الأمور ووجوب التوقف (وشاك) أيضا (في أني شاك وهلم جرا) فلا ينتهي بي الحال إلى قطع شيء أصلا، فيتم مقصودنا بلا تناقض ومنهم فرقة أخرى تسمى بالعنادية، وهم الذين يعاندون ويدعون أنهم جازمون بأن لا موجود أصلا، وإنما نشأ مذهبهم هذا من الإشكالات المتعارضة مثل ما يقال: لو كان الجسم موجودا لم يخل من أن يتناهى قبوله للانقسام، فيلزم الجزء وهو باطل لأدلة نفاته او لا يتناهى وهر أيضا باطل لأدلة مثبتيه، ولو كان شيء ما موجودا لكان إما واجبا أو ممكنا وكلاهما باطل للإشكالات القادحة في الوجوب والإمكان، وبالجملة ما من قضية بديهية أو نظرية إلا ولها معارضة مثلها في القوة تقاومها، ويرد عليهم أنكم جزمتم بانتفاء قوله: (ولا طريق غيرهما) إذ الالهام ليس من أسباب المعرفة بالشيء عند أهل الحق، والتعليم داخل في النظر إلا ان صاحبه غير مستقل به، والتصفية التي تفيد العلم لاحتياجها إلى رياضات شاقة قلما يفي بها المزاج نادر في حكم العدم.

قوله: (فيتتاقض) منصوب جواب النفي قوله: (وبالجملة إلخ ) أشار بذلك إلى آن إنكارهم لا يختص بالموجودات، بل ينكرون ثبوت حكم ما في نفس الأمر.

قوله: (ولا طريق إلى العلم غيرهما) قيل: الإلهام والتعليم بل التصفية أيضا طرق لها مع انها غيرها ورد بأن المراد لا طريق مقدورا، وفيه أن الضرورة ايضا ليست طريقا مقدورا مع أنه اثبتوها طريقا فالأولى أن يقال: إنهم يمتعون كون الأمور المذ كورة طرقا للعلم، ولا يستبعد منهم قوله: (وشاك في أني شاك) قيل: فيلزم التسلسل في الشكوك، واجيب بأنهم شاكون في لزوم التسلسل وبطلانه فلا يمكنهم إلزامهم على آنه تسلسل في الآمور الاعتبارية، فينقطع بانقطاع الاعتبار.

قوله: (بالجلة ما من قضية بديهية إلخ) هذا يدل على آن إنكارهم لا يقتصر على حقائق

Halaman 193