============================================================
المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية (كالرحى إذا أخرج من مركزها إلى محيطها خطوط) كثيرة (متقاربة) في الوضع (بألوان مختلفة فإنها إذا دارت) سريعة جدا (رؤيت) تلك الألوان الكثيرة (كاللون الواحد الممتزرج) المؤلف (منها) والسبب في ذلك أن ما أدركه الحس الظاهر يتادى اولا إلى الحس المشترك، ثم إلى الخيال فإذا أدرك البصر مثلا لونا، وانتقل منه بسرعة إلى لون آخر كان أثر اللون الأول باقيا في المشترك عند إدراك اللون الثاني ووصول أثره إليه، فيمتزج الأثران هناك فتراهما النفس لامتزاج أثريهما ممتزجين، ولاتقدر على تمييز أحدهما عن الآخر، وأيضا لما وقع الشعاع البصري على تلك الألوان بأسرها في زمان قليل جدا لم تتمكن النفس من تمييز بعضها عن بعض، فلذلك رأتها ممتزجة (و) نرى (المعدوم موجودا كالسراب) قيل هذا من اشتباه الشيء بمثله، فإن السراب قوله: (أن ما أدركه الحس الظاهر سواء كان الإدراك باتصال الشعاع أو بالانطباع.
قوله: (يتادى) ليس المراد بالتادي الانتقال لاستحالته على الصورة، بل الحصول فيه بعد الحصول بالحس الظاهر.
قوله: (ثم إلى الخيال) ذكره استطرادا ولا مدخل له في الغلط.
قوله: (وايضا الخ) الوجه الأول مبني على الامتزاج في الحس المشترك، والثاني على الامتزاج في الباصرة.
قوله: (قيل هذا الخ) اعترض على المصنف بأن السراب ليس مما ذكره لأن السراب ليس معدوما مطلقا، أي باعتبار ذاته وباعتبار مأخذه بل مأخذه هو الشعاع المترجرج موجود، إلا أنه اشتبه عند الناظر بالماء بسبب تشابهه به، فيكون من اشتباه الشيء بمثله، وعندي أن في السراب غلطين احدهما رؤية نفسه فإنه أمر مخيل، وليس في الخارج إلا الشعاع المترجرج وسبب تخيله رجرچه كما اعترف به صاحب القيل فهو معدوم من جمت ذاته، ويحسب الناظر آنه مرجود وهر الذي قصده المصنف، ولذا لم يقل: كالسراب يرى ماء وثانيهما رؤيته ماع، وهذا ما ذكره صاحب القيل وهو من اشتباه مخيل بمخيل مثله إذ ليس شيء من السراب والماء موجودا، ولك أن تقول: معنى كلام المصنف كالسراب كما في السراب فإنه يرى الماء المعدوم موجودا.
قلما في عبارة الشرح ليس للنفي الصرف، وإن كان قد يستعمل لذلك كما صرح به ابو علي فتامل فإته دقيق وإن غفل عنه الناظرون كلهم.
قوله: (ثم إلى الخيال) هذا مما لا دخل له في أصل المقصود، وإنما المراد من ذكره بيان أن اولية التادي إلى الحس المشترك بالنسبة إلى التادى إلى الخيال لا الحس الظاهر.
قوله: (من باب اشتباه الشيء بمثله) كأن القائل بهذا يريد الاعتراض على المصنف بأن كان ينبغي أن يذكر هذه الصورة في الوجه الثاني من وجوه أغلاط الحس، ويمكن أن يقال: إنما لم يذكرها هناك لأنه لا مثلية في نفس الأمر لاختلاف الحقيقة، وأما إطلاق السمعدوم فيهن لان الساء معدوم في نفس الأمر وإن وجد شيء يتراءى اللبصر.
Halaman 140