Sharh al-Jami' al-Sahih
شرح الجامع الصحيح
Genre-genre
ما جاء في تكفير الوضوء للسيئات قوله: «إذا توضأ العبد المسلم»: وهو غير المشرك وفيه إشارة إلى اشتراط الإسلام في<1/154> صحة الوضوء لأن الوضوء طهارة إسلامية فلا تصح مع الشرك وأيضا فالمشركون نجس ومن شرط صحة الوضوء إزالة النجس قبله، ويمكن أن يراد بالمسلم الموفي بأركان الإسلام، وتكون هذه الفضيلة مختصة به دون الفاسق لأن فسقه يحبط عمله، فكيف ينال هذه الفضيلة { ان تجتنبوا كبآئر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم}[النساء:31]، والحاصل أن المسلم في الحديث يحتمل معنيين: أحدهما الموفي بأركان الإسلام والمعنى فيه واضح، والثاني المقر بالإسلام والداخل فيه من غير وفاء بخصاله، وعليه فيشكل المراد من الحديث لأن الكبائر لا تغفر إلا بالتوبة، والجواب أن المراد بالتوبة عدم الإصرار فإذا لم يصر جاز أن يغفر له ذلك بفعل الطاعات من الوضوء وغيره، وفيه أن المصر داخل تحت المسلم المقر بالإسلام، فالإشكال على حاله، ويمكن أن يقال: الحديث جار مجرى الترغيب وحالة الترغيب تقضي التعميم، وإن أريد الخصوص كما جاء ذلك في غالب آيات الوعد وفي السنة منه كثير، فهذه الفضائل حاصلة لمن فعل الوضوء مع ملاحظة الأحوال المشترطة في حصول الثواب، ومن تلك الأحوال التحرز عن محبطات الأعمال.
قوله:«فغسل وجهه»: تفريع على قوله: «توضأ»، ولم يذكر المضمضة والاستنشاق، وقد ذكر هنا في حديث عمرو بن عنبسة قال: قلت: يا رسول الله حدثني عن الوضوء، فقال: "ما منكم من رجل يقرب وضوءه فيمضمض ويستنشق إلا خرجت خطاياه من فيه وخياشيمه مع الماء، ثم إذا مسح رأسه خرجت خطاياه من أطراف شعره مع الماء، ثم إذا غسل رجليه إلى الكعبين خرجت خطايا قدميه من أنامله مع الماء، فإذا قام وصلى وحمد الله وأثنى عليه ومجده انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه".
Halaman 180