كلام المصنف على أن نصب «الطريق» على الظرفية شاذ، لأنه غير مبهم كالدار وفيه خلاف، فذهب بعضهم إلى أنه مبهم، وإليه ذهب بعض شراح الكتاب، وجزم به ابن أبى الربيع وبعض نحاة المغرب، وقال: إنه مذهب سيبويه، إلا أنهم لم يفهموا كلامه، ووجهه أن معناه: إن كان كل ما يطرق بالأقدام فهو مبهم، وإن كان أزقة الأسواق والطريق العام، فهو محدد لا ينصب البتة إلا شذوذًا، وإليه أشار أبو حيان في «تذكرته» انتهى كلامه. أقول: نقله أبو حيان في «تذكرته» من «النهاية» قال: ذهب قوم إلى أن الطريق ليس بظرف، لأنه اسم لمكان معروف وهو ما تطؤه المارة في الأسواق وغيرها فلا يقع على كل موضع، وذهب قوم إلى أنه يكون ظرفًا كالفرسخ لأمرين أحدهما: أنه فعيل بمعنى مفعول أي مطروق، وكل مكان يصلح أن يكون مطروقًا للرجل. والآخر: الاستعمال، فإذا جلست في محل إنسان في أي موضع كان، صح أن يقال: تنح من الطريق، فدل على أنه يقع على كل موضع، فعلى الأول تقول: جلست في الطريق، وعلى الثاني: جلست الطريق، انتهى.
والبيت من قصيدة طويلة لساعدة بن جؤية الهذلي، وقبله:
فتعاوروا ضبرًا وأشرع بينهم ... أسلات ما صاغ القيون وركبوا
من كل أسحم ذا بلٍ لا ضره ... قصر ولا راش الكعوب معلب
لدن بهز الكف ... البيت.
التعاور: التداول بالطعن وغيره، والضبر بفتح المعجمة وسكون الموحدة: مصدر ضبر إذا وثب، والضبر: الجماعة أيضًا، وأشرعت: أميلت، والأسلات: الرماح، والقيون: جمع قين وهو الحداد، وأراد بما ضاع القيون: الأسنة،
1 / 10