شكّ في تأثير المغيِّرِ لم يَضُرَّ؛ ككثيرٍ بنجسٍ لم يُغَيِّرْهُ، وفي المُبَخَّرِ بالمُصْطَكَى (١) وغيرِها قولان، والظاهرُ التأثيرُ كمتغيرٍ بما يُفارِقُه غالبًا مِن طاهرٍ أو نَجِسٍ، وحكمُه كمغَيِّرِه، ولا عبرةَ بريحٍ عند عبدِ الملك (٢)، وقُبِلَ (٣) خبرُ واحدٍ بَيَّنَ (٤) وجهَ النجاسةِ، أو اتَّفَقَا مذهبًا، وإلا فَتَرْكُه أَحْسَنُ، وجَعْلُ الماءِ على النجاسةِ - أو هي فيه - سواءٌ.
وفيما تغيّر بورقِ شجرٍ أو تِبْنٍ قولان؛ والأحسن جوازُه ببادِيَةٍ، وجاء في ماءِ غَدِيرٍ (٥) تغيّر برَوْثِ ماشيةٍ: ما يُعجبني ولا أُحَرِّمُهُ (٦). قيل (٧): والمعروفُ تجنُّبُه كمُتَغَيِّرٍ بحَبْلِ سَانِيَةٍ (٨)، أو إناءٍ جديدٍ، وقيل: إن ظَهر تغيّرُه، وإلا فطهورٌ. وفي جَعْلِ مخالِطٍ وَافَقَ صِفَةَ الماءِ مخالِفًا نظرٌ، وفي طهوريةِ ماء جُعل في فَمٍ قولان لابن القاسم وغيرِه، لا إن ظَهر تغيُّرُه.
وإن زال تغيّرُ النجسِ لا بكثرِة مطلَقٍ لم تَزُلْ على الأحسنِ، وإِنْ يَكُ في الماء شيءٌ من الطعام (٩) ونحوِه أَثَّرَ إن تَغَيَّرَ، كجِلْدٍ طال مكثُه فيه، لا إن أُخرج (١٠) ناجزًا.
_________
(١) المُصْطَكَى من العُلُوكِ، جمع عِلْكٍ، وهو كاللُّبان يُمْضَغُ فلا يَنْمَاعُ، لسان العرب، لابن منظور: ١٠/ ٤٥٥، و١٠/ ٤٦٨.
(٢) قال ابن حبيب في الواضحة (أطروحة جامعية، ص:١٨٤):"فأما إن تغير ريحُه واللونُ صافٍ والطعمُ طعمُ الماء فليس ذلك بشيء".
(٣) في (ح٢): (يقبل).
(٤) في (ح١، ح٢): (عين).
(٥) الغديرُ ما تَرَكَه السَّيْلُ، ومثلُه ما تَرَكه النِّيلُ في محلٍّ منخفضٍ، ويُسمى في عُرف أهلِ مصرَ بِرْكَةً، بتصرف من منح الجليل: ١/ ٣٦.
(٦) جاء في مواهب الجليل: ١/ ٨٦: "وقد روي عن مالك أنه قال: ما يعجبني أن يتوضأ به، من غير أن أحرمه".
(٧) ساقط من (ق١).
(٨) قال الدردير في الشرح الكبير: ١/ ٣٩: "أي ساقية أو دلو ونحوه من كل وعاء يُخرج به الماء، إذا كان من غير أجزاءِ الارض كخُوصٍ أو حَلْفَاءَ، فإن كان مِن أجزائِها فلا يَضُرُّ التغيرُ به".
(٩) في (ح٢): (طعام) بدون تعريف.
(١٠) في (ق١): (خرج).
1 / 44