Shama'il al-Rasul
شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
Penerbit
دار القمة
Nombor Edisi
-
Lokasi Penerbit
الإسكندرية
Genre-genre
نبيهم، وهذا من شدة الجفاء لسنة النبي ﷺ، فتحولت عباداتهم عادات واستشكلت عليهم أمور دينهم فينكرون منها أكثر مما يعرفون والأدهى والأطم أنهم يقارنون أقوالهم بأقوال الرسول ﷺ ويعرضون أعمالهم على الغرب قبل عرضها على الهدي النبوي الشريف وما ذلك إلا جزاء تركهم وبعدهم عن سنة النبي ﷺ وقد قال- تعالى-: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا [الأحزاب: ٣٦] .
أولا: سبب نزول الآية الكريمة:
قال القرطبي- ﵀: (روى قتادة وابن عباس ومجاهد في سبب نزول هذه الآية أن رسول الله ﷺ خطب زينب بنت جحش وكانت بنت عمته فظنت أن الخطبة لنفسه فلما تبين أنه يريدها لزيد كرهت وأبت وامتنعت فنزلت الآية فأذعنت زينب حينئذ وتزوجته) «١» .
وهذا ذكره الحافظ ابن كثير والشيخ السعدي- رحمهما الله- وغيرهما من المفسرين.
ثانيا: بعض فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى:
عظّمت الآية وجوب الامتثال والانصياع لكل ما قضى الله ورسوله ﷺ وأكدت الآية من أولها إلى آخرها هذا المعنى على نسق بديع وبيان ذلك على النحو التالي:
١- بدأت الآية بقوله- تعالى-: وَما كانَ قال الإمام القرطبي: (معناها الحظر والمنع فتجيء لحظر الشيء والحكم بأنه لا يكون، وربما كان امتناع ذلك الشيء عقلا، كقوله- تعالى: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها [النمل: ٦٠]، وربما كان للعلم بامتناعه شرعا، كقوله- تعالى-: ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ [آل عمران: ٧٩] «٢» .
وأقول: إنما تأتي هذه الصيغة لتأكيد شدة الانتفاء واستحالة حدوث الأمر لمعارضته الشرع أو العقل أو الاثنين معا، كقوله- تعالى-: ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْرًا فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [مريم: ٣٥] . وتصدير آية الباب بقوله- تعالى-: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ يفيد استبعاد مخالفة أمر الله ورسوله لمن اتصف بالإيمان سواء كان رجلا أم امرأة.
_________
(١) انظر الجامع لأحكام القرآن، (١٤/ ١٨٦) .
(٢) انظر المصدر السابق، (١٤/ ١٨٧) .
1 / 35