Keraguan Kreatif: Berdialog dengan Salaf
الشك الخلاق: في حوار مع السلف
Genre-genre
ليس العلم مجرد اكتساب معلومات علمية أو حيازة ذهنية لمعلومات وحيازة مادية لتكنولوجيا، ولكن العلم الذي يمثل الآن روح العصر، هو منهج في فهم ودراسة الواقع اعتمادا على العقل الناقد بهدف التدخل التجريبي للتغيير. والعلم هنا أبنية معرفية نسقية .. العلم ظاهرة اجتماعية ثقافية، وذلك باعتباره نسقا معرفيا متحدا مع بنية وأنشطة المجتمع. إنه ليس معارف متفرقة بل منهج موظف في خدمة بنية المجتمع يعمل على تماسكها واطراد تقدمها، ومواجهة تحدياتها ورسم معالم مستقبلها؛ ولهذا هو مؤسسة اجتماعية وعنصر حضاري؛ أي ركيزة البناء الحضاري.
وروح العصر هي المعرفة العلمية النسقية التي هي نمط خاص من علاقة الوجود الإنساني بالطبيعة وبالنفس وبالمجتمع .. علاقة النظر والنظرية .. صياغة قوانين وقواعد تكشف عن اطراد الظاهرة وتحولاتها، والإجابة عن السبب والكيف والقدرة على التنبؤ والإفادة العملية بذلك في الحياة الاجتماعية. والتفكير العلمي والمنهجي، أو ثقافة العلم، هي ثقافة نهمة إلى المعرفة أو مغامرة المعرفة. التفكير العلمي مدفوع بقوته الذاتية وبإنجازاته إلى المزيد. إنه نقيض ثقافة الاكتفاء الذاتي أو ثقافة الحقيقة المطلقة واليقين التي تقتل الفضول المعرفي وتعتمد التفكير الاختزالي برد الظاهرة إلى علل خارجها؛ ومن ثم يستحيل على المرء والمجتمع التحكم في شئون حياته. وثقافة العلم هي ثقافة التغيير؛ تغيير العالم عن وعي وإرادة وليس مجرد فهمه أو تأمله أو فك طلاسمه أو النظر إلى الظواهر باعتبارها إعجازا. لذلك هي ثقافة قوة الإنسان وتمكينه والثقة بالنفس، والقدرة على البحث والابتكار والتحدي والتغيير ورسم المستقبل. وثقافة العلم هي ثقافة الإيمان بقيمة الإنسانية، وبناء الإنسان؛ لذا هي ثقافة الديمقراطية.
والعلم أداة تحقيق الذات عن وعي ثقافيا واقتصاديا وسياسيا، وإدارة الدفاع عن النفس وكفالة الأمن والانتصار في صراع الوجود .. هي أداتنا للتعبير عن الهوية وتأكيد أصالتها بعيدا عن تهويمات أيديولوجية؛ لأن الهوية في جوهرها فعل الذات الواعية .. فعل إنجاز «النحن» المجتمعية في الاستجابة للتحديات بلغة وقدرات حضارة العصر، وبذا تدعم الانتماء وترسخ عوامل تلاحم بنية المجتمع.
السؤال الأبدي الذي نكرره، أجيال وراء أجيال: لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا ؟ والإجابة يسيرة .. السبب غربة العلم في حياتنا وغربة المستقبل أو غيابه عن إرادتنا.
نعاني أعراضا مزمنة هي بيت الداء حضاريا .. نجملها فيما يلي:
غياب قيمة مغامرة المعرفة واكتشاف المجهول وحرية السؤال والبحث وحق الاختلاف، وأن التنوع إثراء للفكر وازدهار حضاري .. وهي قيمة يجري غرسها من خلال التنشئة الاجتماعية والتنشئة التعليمية في المدرسة لتصنع مناخا عاما.
غياب سياسة علم وتعليم تحقق للمجتمع - بفضل ومن خلال مواطنيه - أهلية الاندماج والتكامل مع الشبكة العالمية للإنجاز العلمي والتكنولوجي وامتلاك قدرة تحقيق المصير والأمن القومي وإرادة الفعل.
هجرة الباحثين العلميين إلى الخارج، حيث يجدون ذواتهم في الفرص المتاحة للتعبير عن قدراتهم واستثمارها بدلا من حياة الغربة في الوطن.
غياب الحداثة كرؤية وهدف مرسوم ومن ثم غياب آليات التحديث في كل أنشطة المجتمع، وغياب الإيمان بأن التحديث في صورته المتكاملة؛ أعني حضارة الصناعة ومجتمع المعرفة، هما السبيل لعلاج أمراضنا. ولكن تعيش المجتمعات العربية أسيرة اقتصاد الريع، وهو نقيض حضارة الصناعة ومجتمع المعرفة؛ إذ غير خافية طبيعة الرابطة العضوية المكثفة بين الإنتاج الصناعي والبحث العلمي، وإنتاج المعرفة ومقتضيات ذلك سياسيا واجتماعيا وتعليميا .. إلخ.
تعاني المجتمعات العربية من غياب التمويل اللازم للبحث العلمي والتطوير، وتكفي الإشارة إلى أن ما تخصصه في هذا المجال لا يزيد على 0,5 في المائة من إجمالي الناتج القومي، بينما هو في البلدان الناهضة والمتقدمة يتراوح بين 2,5 في المائة و3 في المائة. وغير خاف أن طبيعة البحث العلمي الآن شديدة التعقد فضلا عن أنه يمثل شراكة كوكبية تعبر عنه علاقات عضوية بين الأكاديميات والجامعات وبين العلماء كأفراد أو المؤتمرات أو النشرات العلمية.
Halaman tidak diketahui