Pokok Yang Tumbuh di Brooklyn

Nawal Saadawi d. 1442 AH
137

Pokok Yang Tumbuh di Brooklyn

شجرة تنمو في بروكلين

Genre-genre

وتملكت الفكرة جوني تملك السحر، وتداعت الفكرة عنده بمنطق لا صاحب له سواه، وانتهت بأن يصطحب معه في هذه الرحلة تيلي الصغيرة، وكانت تيلي الصغيرة طفلة في الرابعة من عمرها، ابنة لبعض الجيران الذين لم يلقهم جوني على الإطلاق، والحق أنه لم يكن قد رأى تيلي الصغيرة قط، ولكن راودته الفكرة بأن الواجب يقتضيه أن يفعل شيئا من أجلها مراعاة لما عانته من أخيها جاسي، وارتبط ذلك كله بنزوة الذهاب إلى كانارسي.

وكان جاسي، وهو في السادسة من عمره، أسطورة قاتمة في الحي، كان طفلا قوي المراس، متشيطنا، نمت شفته السفلى أكثر من المألوف، وقد ولد ككل الأطفال، وأرضعته أمه من ثدييها الكبيرين، وإلى هنا انقطع الشبه بينه وبين أي طفل آخر، حيا كان أو ميتا، فقد حاولت أمه أن تفطمه حين بلغ الشهر التاسع من عمره، لكن جاسي لم يحتمل ذلك، أما وقد حرم الثدي فقد رفض «البزازة» والطعام والماء، ونام في مهده وأخذ يصيح، واستأنفت أمه رضاعته خشية أن يتضور جوعا، ورضع راضيا، رافضا كل الأطعمة الأخرى، وعاش على لبن أمه حتى بلغ الثانية من عمره تقريبا، ثم انقطع لبن أمه لحملها، وتبرم جاسي وصبر على ذلك تسعة أشهر أخرى، ورفض لبن البقر في أي شكل يقدم له، وألف شرب القهوة الصرف.

وولدت تيلي الصغيرة، وفاض لبن الأم غزيرا مرة أخرى، وانتابت جاسي تشنجات هيستيرية حين رأى الطفلة ترضع لأول مرة، ورقد على الأرض يصرخ ويخبط رأسه، ورفض الأكل أربعة أيام وأبى الذهاب إلى دورة المياه، وشحب لونه؛ فارتاعت أمه وظنت أنه لا ضرر من أن ترضعه من ثديها مرة أخرى، وكان هذا خطأها الكبير؛ إذ غدا جاسي كمدمن المخدرات الذي حصل على المخدر بعد طول حرمان، فأبى أن يعود إلى الحرمان، ومن يومها استنفد لبن أمه جميعا، واضطرت تيلي الصغيرة - الطفلة العليلة - أن ترضع من البزازة.

وكان جاسي قد بلغ الثالثة من عمره حينذاك، وبدا أكبر من سنه، ويلبس كالأطفال الآخرين سروالا حتى الركبتين وحذاء ثقيلا مدعما بقطعتين من النحاس في كل فردة، وبمجرد أن يرى أمه تفك أزرار ردائها يجري إليها، ويقف وهو يرضع من ثديها، وقد وضع مرفقه على ركبة أمه ولف قدما على قدم في سرور، وعيناه تتجولان في الحجرة، ووقوفه للرضاعة ليس عملا فذا؛ لأن ثديي أمه ضخمان يكادان حين تطلقهما يستقران على حجرها، ومنظر جاسي في الحق بشع وهو يرضع على هذا النحو، كان يشبه رجلا يضع قدمه على حافة بار، ويدخن سيجارا غليظا باهت اللون.

واكتشف الجيران أمر جاسي وتهامسوا في شأن حالته المرضية، وتضايق أبو جاسي حتى إنه لم يكن ينام مع زوجته، وقال إنها تربي مسخا بشعا، وأخذت المرأة المسكينة تفكر وتفكر التماسا لطريقة تفطم بها جاسي، وقررت أنه أضحى أكبر من أن يرضع، فقد اقترب من السنة الرابعة، وخشيت أن أسنانه الثانية قد لا تظهر على نحو مستقيم.

وأخذت في يوم من الأيام علبة طلاء الموقد الأسود والفرشاة، وأغلقت على نفسها باب حجرة النوم، حيث طلت في غزارة ثديها الأيسر بطلاء الموقد الأسود، ورسمت في منطقة الحلمة بقلم شفتيها الأحمر فما قبيحا، واسعا له أسنان مخيفة، وأقفلت رداءها بالأزرار وذهبت إلى المطبخ، وجلست في مقعدها الهزاز بجوار النافذة، وألقى جاسي حين رآها كعوب النرد التي يلعب بها تحت حوض الغسيل، وهرع إليها ليرضع، ووضع قدما على الأخرى، وارتكز بمرفقه على ركبتها وانتظر.

وقالت له أمه مغررة به: أتريد أن ترضع يا جاسي؟ - نعم. - حسنا، انعم بالرضاعة يا جاسي!

وفتحت رداءها فجأة ورفعت ثديها البشع المنظر في وجهه، وشل جاسي من الخوف لحظة، ثم جرى مهرولا يصرخ واختبأ تحت السرير، وبقي هناك أربعا وعشرين ساعة، وخرج أخيرا وهو يرتعد، وعاد ثانية إلى شرب القهوة الصرف، وأصبح ينتفض كلما اتجهت عيناه نحو صدر أمه، وهكذا فطم جاسي.

وأذاعت الأم خبر نجاحها في كل أنحاء الحي، وبذلك سنت بدعة جديدة في الفطام عرفت ب «تخويف الطفل بجاسي».

وسمع جوني القصة، وأقصى جاسي من مخيلته في سخرية وتهكم، ولكنه كان يهتم بالصغيرة تيلي، وفكر في أنها حرمت شيئا عظيما قد يعوق نموها، وتوهم أن نزهة في قارب على شاطئ كانارسي، قد تزيل من نفسها بعض الضر الذي أصابها به أخوها الشاذ، وبعث بفرانسي لتسأل هل يمكن لتيلي الصغيرة أن تصحبهم في رحلتهم، ووافقت الأم المتعبة في سعادة.

Halaman tidak diketahui