72

Bulan Madu

شهر العسل

Genre-genre

فضحك عبد القوى وأجاب: قد يقتل أو يشهد حفل كوكتيل! - إنك لا تساعدني البتة! - معذرة، الأفضل أن نتسلل إلى رئيس وحدتنا لنحاول الاتفاق معه ... - الاتفاق معه؟ - أن يعطينا مظروفا جديدا بثمن معقول يمكن دفعه ولو بأقساط. - إنه رجل أمين، وفضلا عن ذلك فالراجح أنه لا يدري شيئا عما في المظروف. - لا يدري شيئا عما في المظروف؟! - كلا. - يا لها من مهزلة! - إنه تنظيم ضخم ويحسن توزيع العمل بين أعضائه.

فقال عبد القوي بنفاد صبر: لنرجع إلى السؤال المطروح؛ ما المهمة الجديرة بعضو التنظيم إذا وجد نفسه في الجنوب؟ - بالاستقراء والقياس تتضح الأمور، فنعرف ما يجب عمله. - ما المهمة الجديرة بعضو التنظيم إذا وجد نفسه في الجنوب؟ - لا أملك إجابات جاهزة، ولكننا نملك خلق الفروض وتجربتها ... - كما يتراءى لنا؟ - كما يتراءى لعقولنا! - نفكر ونتعب، نقترح الفروض، نجرب كل فرض، نرتطم بالخطأ، نعاود التفكير والتعب، نقترح فروضا جديدة، وطيلة الوقت نتلفت فيما حولنا بحذر؛ أن يقبض علينا رجال الشرطة، أو يقتلنا رجال التنظيم، وعاجلا أو آجلا سنقع في المصيدة. - إنك مثبط للهمم، ولكن حتى لو وقعنا في المصيدة فسنكون قد أثبتنا حسن نيتنا، وربما نوفق إلى نجاح فذ يغطي على أخطائنا. - عظيم .. عظيم. - ولكني أراك غير متحمس في الواقع! - معاذ الله! - وشارد النظر، سرحت بفكرك بعيدا، فيم كنت تفكر؟ - أتريد الحق؟ - نعم. - تذكرت كيف هوشت المقامرين في الاستراحة، فربحت في دور عشرة جنيهات بجوز عشرة!

فقطب عبد الواحد في استياء وقال: يا لك من مستهتر! - وعندما جندلت اثنين في معركة الراقصة بلكمة واحدة مستعرضة! - إنك ثمل بذكريات عفنة.

فقال عبد القوي بحماس: أصغ إلي، إنها ذكريات جميلة، لا أدل على ذلك من أنك شاركت فيها جميعا معتلا بشتى العلل، لا تنكر ذلك، أصغ إلي، هلم نهرب، دعنا من خلق فروض خيالية في الجنوب، دعنا من تعب غير مجد البتة، نحن مطاردون، وسنظل مطاردين، وخير لنا أن نهب حياتنا للمغامرات الشائقة. - لا تستسلم لتيار خيالك الجامح، اسبح ضده بقوة، وهلم نبحث عن العمران.

فضرب عبد القوي الأرض بقدمه في عناد وقال: كلا. - ثق أننا سنعرف المهمة. - كلا! - إني أطالبك بالسير معي. - كلا. - معنى ذلك أننا سنفترق. - لنفترق. - ولكنك قلت إننا اعتدنا الحياة معا. - منذ نشأتنا الأولى! - لم تجرب الحياة وحدك. - ولا أنت. - إذن يجب أن نحافظ على وحدتنا. - تعال معي. - بل عليك أنت أن تأتي معي. - إني أرفض وصايتك كما رفضت وصاية التنظيم. - لقد انقطع ما بيننا وبين التنظيم، ولئن زالت عنا ولايته فقد وهبنا الحرية، ولكنها ليست الحرية التي كانت لنا قبل أن ننضم إليه، إنها حرية جديدة غير عابثة، وليست وصاية مني عليك. - إنك تحسن الجدل ولكني مصر على الرفض! - لا يجوز أن نفترق. - لا يجوز أن نفترق. - هلم معي. - هلم معي أنت. - ليتقدم كل منا خطوة من جانبه؛ عندي اقتراح للتوفيق. - ما هو؟ - ليكن لكل منا اختصاصه، وليعمل في دائرته؛ ولكن تحت شرط! - وهو؟ - أن تسلم بالمهمة، لا تهرب منها ولا تنكرها؛ فبدونها تضحي الحياة لا شيء. - ولكن المظروف سرق؟ - لا يهم، إن فقده يعني الانفصال عن التنظيم، لا إهمال المهمة أو الكفر بها، بل لعل الإيمان بالمهمة هو الذي دفعنا إلى الانضمام إلى التنظيم وليس العكس. - بوسعك دائما أن توقع عقلي أسيرا لمنطقك، ولكن كلماتك لا تنفذ إلى باطني. - اقتراحي يبدو لأول وهلة خارقا للمألوف؛ من أين لنا أن نعرف المهمة؟ ولكن من الأصل في اقتراح المهمة؛ أليس هو الزعيم المجهول؟ حسن، وأليس هو يقترح المهمة بعقله؟ حسن، فلم نتصور أن عقله فوق جميع العقول؟ بل حتى مع التسليم بتفوقه، فهل يعني هذا التسليم بعجز عقولنا؟ فإذا انقطعت الصلة بيننا وبينه، فما علينا إلا أن نفكر، ثم إن الصلة بيننا وبينه مقطوعة في الواقع من بادئ الأمر؛ فنحن لا نعرف إلا مندوبه الذي يرأس وحدتنا، ولا علم لنا عن مدى صلة المندوب به، ولا يبعد أنه يترك للمندوبين مهمة اقتراح المهمة. - ها أنت تتشكك في القيادات العليا نفسها! - أنا لا يهمني إلا المهمة؛ فبها أكتسب وظيفتي في الحياة، وبغيرها لا يبقى لي إلا العدم، ولقد اعتدنا أن نسلم بالمهمة على ثقتنا بالزعيم، ولكن ليس ثمة فارق كبير أن تقوم بالمهمة لذاتها، وبين أن تقوم بها لحساب زعيم مجهول. - هل البدء بالمهمة يعني الانتهاء إلى الزعيم؟ - كل شيء محتمل، قد يؤهلنا النجاح لوظيفة المندوب فنتصل بالزعيم، وقد يتضح لنا أن المندوبين أنفسهم لا يتصلون بالزعيم كما يدعون، وقد يثبت لنا أن التنظيم يدار بطريقة جديدة لم تجر لأحد على بال. - وإذا تبين لنا أن إنجاز المهمة قد يكلفنا حياتنا؟ - ألم يكن من الجائز أن نفقدها في بيت الراقصة؟ - أن أموت بين يدي راقصة أفضل من أن أموت وراءك! - علينا أن نختار على ضوء احترامنا لأنفسنا. - بكل صراحة أنا لا يهمني الاحترام! - بل إنك تشعل معركة لأقل إهانة توجه لذاتك! - لا علاقة لذلك بالاحترام الذي تطالبني به. - لقد أصبحنا وحدنا؛ فإما أن نختار العمل كأعضاء محترمين رغم زوال صفة العضوية الرسمية عنا، وإما أن نرضى بحياة الصعلكة. - إني أعشق حياة الصعلكة! - يا لك من مجنون! - يا لك من رجل متعب! - يا للحزن، إن الانفصال يهدد وحدتنا الرائعة. - إنه لأمر محزن حقا. - انفصلنا عنه، وننفصل عن بعضنا البعض، سلسلة من الانفصالات لا أدري أين تقف.

لاذا بالصمت وهما يتبادلان نظرة طويلة. وهم عبد الواحد بالكلام، فتح فاه ولكنه سرعان ما أطبقه. ورفع رأسه نحو السماء في دهشة. ورفع عبد القوي رأسه كذلك وهو يتمتم: صوت طائرة! - أجل. - ولكن أين هي؟

أشار عبد الواحد إلى الأفق قائلا: هيلكبتر!

جعلا ينظران إليها وهي تقترب وتتضح في سمت السماء. وقال عبد القوي: هلم نلوح بأيدينا؛ لعلهم يروننا. - لوح، ولكنهم لا ينظرون إلينا.

فصاح عبد القوي: انظر، إنها تهبط!

هبطت بتؤدة كأنما تمضي إلى هدف محدد حتى استقرت فوق الأرض غير بعيد منهما، وهما يتطلعان إليها بذهول. وتساءل عبد القوي: هل هبطت من أجلنا؟ - لعلها مناورة لا علاقة لها بنا. - أو أنها ...

Halaman tidak diketahui