فأشارت إلى نفسها وهي تقول: محسبوتك صاحبة القهوة.
تساءل بدهشة: حضرتك؟! - حضرتي!
وضحكت ضحكة عالية ثم قالت: بشرى لنا، السماء تمطر أدبا! - لا مؤاخذة، أرجو ألا أكون أخطأت. - لا سمح الله، ولكن خيل إلي بادئ الأمر أنك زبون نهاري! - زبون نهاري؟! - ما علينا، ماذا تريد من صاحبة القهوة؟
فقال الشاب بجدية: يجب أن أقدم نفسي أولا، أنا مندوب لجنة الطلبة. - لجنة الطلبة؟ - اللجنة العامة للطلبة.
فتساءلت مازحة: ولم لم تجئ معك باللجنة لتقضي سهرة الموسم عندنا؟
فقال بجدية مضاعفة: نحن مندوبو اللجنة، انتشرنا في أنحاء القطر للدعوة إلى قرار خطير! - قرار خطير؟ - تعلمين حضرتك أن غدا هو الذكرى الأسيفة لمرور عام على إلغاء دستور الأمة؟
فقالت وهي ما زالت تتفحصه بذهول: حضرتي لم تعلم. - دستور الأمة! - دستور يا أسيادي. - الموضوع لا يحتمل المزاح. - ليس المزاح أفضل من الجد؟ - الموقف خطير، والضحايا يتساقطون كل يوم بالعشرات! - لا حول ولا قوة إلا بالله. - والوطن يطالبنا ...
فقاطعته: ما الذي جاء بك إلى هذا الدرب؟ - وقع شارع كلوت بك في قرعتي، مررت على المحال والدكاكين والمقاهي فوجدت استجابة شاملة، سيغلقون الأبواب جميعا بلا استثناء غدا، وأنا عائد من مهمتي تنبهت إلى هذه العطفة التي لم ألحظها في مروري الأول. - ألم تدخلها من قبل؟ - كلا يا سيدتي. - لم لم توجه دعوتك إلى الفتيات الجالسات أمام الأبواب؟ - على فكرة، لم يجلسن بهذه الصورة المنافية لتقاليدنا؟ - اجلس، اجلس واشرب شيئا، أشهد الله أنك أظرف شاب قابلته في حياتي! - لا وقت عندي، أشكرك وأعتذر، علي أن أمر على بقية المحال في الدرب. - لا يوجد فيها إلا قهوتي. - حقا؟ إذن فقد انتهت مهمتي، ولكنك لم تعديني بشيء! - أي وعد؟ - بخصوص الإضراب العام المزمع تنفيذه غدا؟ - ماذا تريد؟ - أن تغلقي القهوة غدا. - سبحان الله! لم؟ - احتجاجا على إلغاء الدستور.
فضحكت المعلمة وقالت: عشنا وشفنا! - الجميع استجاب لنداء الوطنية. - عشنا وشفنا! - لم يعترض أحد، حتى الخواجات!
فغمزت له بعينها وسألته متهكمة: أأنت وحيد مامتك؟
Halaman tidak diketahui