Terkenalnya Wanita di Dunia Islam
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
Genre-genre
لم يندم الأمين على ما فعل، ولم يخجل عندما ارتكب تلك الفعلة الشنيعة، فلا بدع ولا عجب؛ لأنه شب منذ الصغر صغير النفس وضيع الهمة لا يقدر لشرف الوعود والإيمان قدرا .
لذلك رأينا المأمون يستعد، وكان بقدر ما عنده من التيقظ والتبصر والضبط، بقدر ما عند الأمين من الإهمال والتفريط والغفلة، وقد بلغ من تفريطه أنه أرسل إلى حرب أخيه رجلا من أصحاب أبيه يقال له: علي بن عيسى بن ماهان في خمسين ألفا، ويقال: إنه ما رئي قبل ذلك ببغداد عسكر أكثف منه، وكان معه السلاح الكثير والأموال الوفيرة، وخرج معه الأمين مشيعا مودعا، وكان أول بعث بعثه إلى أخيه، فمضى علي بن عيسى بن ماهان في ذلك المعسكر الكثيف وكان شيخا من شيوخ الدولة، فالتقى بطاهر بن الحسين قائد عساكر المأمون بظاهر مدينة «الري»، وكان عسكر طاهر حدود أربعة آلاف فارس فاقتتلوا قتالا شديدا فكانت الغلبة فيه لطاهر، وقتل علي بن عيسى وجيء برأسه إلى طاهر.
وأرسل طاهر إلى المأمون يبشره بذلك الفوز، وأرسل البشرى مع رجل من رجال البريد، فوصلت إلى المأمون في ثلاثة أيام وبينهما مسيرة مائتين وخمسين فرسخا.
ومن الغريب أن الطاهر في كتابه الذي بشر به بذلك الظفر، أوجز غاية الإيجاز مع الإلمام بالموضوع من جميع وجوهه وهذه نسخته:
أما بعد فهذا كتابي إلى أمير المؤمنين أطال الله بقاءه ورأس علي بن عيسى بين يدي، وكان خاتمه في يدي وجنده تحت أمري والسلام.
وقديما فعل ذلك «جول سيزار» عندما تغلب على قبائل الغول ودخل مدينة «لوتاس» وهي المدينة الأثرية التي بنيت على أطلالها باريس، فقد كتب إلى مجلس الأعيان بروما ثلاث كلمات فيهن كل وصف وإطناب وهي:
جئت فرأيت فقضيت.
لقد اغتاظ الفضل من انتصار المأمون وأطلق لغضبه العنان إلى حد مصادرة أمواله وعقاره وحجز ولديه الصغيرين ببغداد، ولقد هم أن يقتلهما لولا ممالقة الأمين، ثم توالت البعوث من جانب الأمين بعد هزيمته المنكرة وكانت الغلبة للمأمون في كل مرة، وفي سنة ثمان وتسعين ومائة، هجم طاهر بن الحسين على بغداد بعد قتال شديد وحاصرها عدة أشهر وأخذ الأمين أمه وأولاده إلى عنده بمدينة المنصور وتحصن بها، ولقد أشاروا عليه بالفرار إلى الشام فلم يفعل ارتكانا على مروءة أخيه وشهامته إن هو سلم نفسه إليه وبادر في مذكرات الصلح وتفرق عنه عامة جنده وخصيانه، وحصره طاهر هناك وأخذ عليه الأبواب والمنافذ، ولما أشرف على أخذه طلب الأمين الأمان من «هرثمة» وأن يطلع إليه فروجع في الطلوع إلى طاهر فأبى ذلك، فلما كانت ليلة الأحد لخمس بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة، خرج الأمين بعد العشاء الآخرة وعليه ثياب بيض وطيلسان أسود فأرسل إليه هرثمة يقول: إني غير مستعد لحفظك وأخشى أن أغلب عنك فأقم إلى الليلة القابلة، فأبى الأمين إلا الخروج تلك الليلة، ثم جاء راكبا إلى الشط فوجد حراقة هرثمة، فصعد إليها فاحتضنه هرثمة وضمه إليه، ثم شد أصحاب طاهر من الأعجام على حراقة هرثمة حتى أغرقوها، فسبح الأمين وهرثمة حتى وصلا إلى الساحل بكل جهد ومشقة والتجأا إلى بيت صغير، وكان هرثمة قد غطى الأمين بطيلسانه حفظا له عن الأعين وعمل ما في وسعه لنجاته، ولكن كيف يستطيع ذلك بمفرده؟ وأنى له أن يثبت أمام مشيئة الأقدار؟ إن «لكل أجل كتابا»، فقد وصل الأعجام إلى الأمين في مكمنه، وهجموا عليه بسيوفهم المصلتة حتى قتلوه، ولقد غضب المأمون من جراء ذلك على القتلة وأمر بجمعهم ومجازاتهم لما ارتكبوه وأجرى النفقات على الموجودين في قصر أخيه وألحق ولدي الأمين بزبيدة لتربيتهما، وهكذا عمل ما في الإمكان لتلافي ما حدث بغير رضاه وبلا أمر منه.
قتل الأمين، ولد زبيدة المحبوب في الثامنة والعشرين من حياته، وكانت مدة خلافته أربع سنين وثمانية أشهر وكسر.
لقد أقسم الأمين أمام أبيه بحفظ وصيته وعاهد ربه ثلاثا أمام جمع حافل أن يكون مستحقا لغضب المولى - عز وجل - وقهره إذا هو خان الأمانة؛ ثم نكث بالعهد وحنث بالقسم ولم يعبأ بشرف الوعد، أفلا يكون في ذلك دليل على الغباوة والجهل وقلة التدبر؟
Halaman tidak diketahui