فقلت متحديا: ألم تدر بأن أسرتنا الحقيقية هي اللاشيء؟
فقال مهددا: سأطاردك بفرقة كاملة من الكلاب المدربة.
وقعقع أزيز الدراجة، وارتفع نباح الكلاب، فتنهدت في إعياء، وفتحت عيني في الظلام. ماذا يعني هذا الحلم إلا أني لم أبرأ بعد؟ وكيف أفكر فيك طيلة يقظتي ثم تعبث؟ •••
وسهرت الليل كله في الحديقة. ولم يكن معي في الظلام شيء، والنجوم تومض في القبة. وساءلتها عن أشواقي، وساءلتها متى يتحقق الحلم المنشود؟ وصرخت حتى اضطربت لصراخي خلايا السرو. وعاتبت كل شيء ولا شيء، ورنوت إلى نجم متألق بين النجوم. - أريد أن أرى.
فهمس: انظر.
فنظرت فرأيت فراغا لا شيء فيه. ولكن ليس هذا ما أتوق لرؤية وجهه، فهمس: انظر.
فانحسرت هالة من الظلام عن رجل عار، وحشي الملامح، مسدل الشعر حتى المنكبين، يقبض بيمناه على عصا من الحجر الصلد، ويتحفز للقتال. ووثب نحوه وحش لم تره عيني من قبل كأنه تمساح، ولكنه يقوم على أربع أرجل طوال، وله وجه ثور. ودارت بينهما معركة دامية، انتهت بسقوط الوحش، وتراجع الرجل مترنحا، والدماء النازفة تخضب وجهه وصدره، وتسيل فوق ذراعيه، ولكنه رغم آلامه ابتسم.
ولكن ليس هذا ما أتوق لرؤية وجهه وأنت تعلم، فهمس: انظر.
فانجابت الظلمة عن فسحة من المكان تكتنفها غابة، وينهض في خلفيتها جبل. وانحدر من الجبل قوم عرايا مدججون بالأحجار، فتصدى لهم آخرون من الغابة لا يقلون عنهم وحشية، أو رغبة في القتال. ودارت معركة عنيفة، وعلا الصراخ، وسالت الدماء. حتى الوحوش الكاسرة ولت لائذة بأعالي الشجر والقنوات وقمة الجبل. وانهزم أهل الغابة؛ فسقط منهم من سقط، وأسر من أسر، وهلل أهل الجبل.
ولكن ليس هذا ما أتوق لرؤية وجهه وأنت تعلم، فهمس: انظر.
Halaman tidak diketahui