المغازي بن مودود بن زنكي، ثم ولاه ديوان الجزيرة وأعمالها، ثم عاد إلى الموصل فناب في الديوان عن الوزير جلال الدين أبي الحسن علي بن جمال الدين محمد بن منصور الأصبهاني، ثم أتصل بمجاهد الدين قايماز بالموصل أيضًا فنال عنده درجة رفيعة، فلما قبض على مجاهد الدين اتصل بخدمة أتابك عز الدين مسعود بن مودود إلى أن توفي عز الدين فأتصل بخدمة نور الدين أرسلان شاه، فصار واحد دولته حقيقة، بحيث إن السلطان كان يقصد منزله في مهام نفسه؛ لأنه أقُعد في آخر زمانه، فكانت الحركة تصعب عليه، فكان يجيئه بنفسه، أو يرسل إليه بدر الدين لؤلؤ الذي هو اليوم أمير الموصل.
وحدثني أخوه المذكور قال: حدثني أخي أبو السعادات قال: لقد ألزمني نور الدين بالوزارة غير مرةٍ وأنا أستعفيه حتى غضب مني وأمر بالتوكيل بي قال: فجعلت أبكي، فبلغه ذلك فجاءني وأنا على تلك الحال فقال لي: أَبَلَغَ الأمر إلى هذا؟ ما علمت أن رجلًا ممن خلق اللَّه يكره ما كرهت، فقلت: أنا يا مولانا رجل كبير، وقد خدمت العلم عمري، واشتهر ذلك عني في البلاد بأسرها، وأعلم أنني لو اجتهدت في إقامة العدل بغاية جهدي ما قدرت أؤدي حقه، ولو ظلم أكار في ضيعة من أقصى أعمال السلطان لنسب ظلمه إلى، ورجعت أنت وغيرك باللائمة علي، والملك لا يستقيم إلا بالتسمح في العسف، وأخذ هذا الخلق بالشدة وأنا لا أقدر على ذلك، فأعفاه، وجاءنا إلى دارنا فَخَبَّرَنَا بالحال، فأما والده وأخوه فلاماه على الامتناع فلم يؤثر الكلوم عنده أسفا.
ذكر مشايخه وطلبه للعلم
تحدث ابن الأثير عن نفسه في ذلك فقال (٢):
مازلت في ريعان الشباب وحداثة السنن، مشغوفًا بطلب العلم، ومجالسة أهله، والتشبُّه بهم حسَبَ الإمكان، وذلك من فضل اللَّه علي، ولطفه بي أن
_________
(١) هو الحراث. [قال معد الكتاب للشاملة: هذه الحاشية لا أدري مكانها في كلام المحقق.]
(٢) كما في مقدمة كتابه "جامع الأصول" (١/ ٣٥).
1 / 8