أريد من عمر ومنكم أن تتنافسوا فتيانا تملؤهم روح الغمار، فلا يخافون الفشل ولا الجوع ولا الفاقة. لكل مصيبة عزاء، وعزاؤكم عن الجوع أنه يجوهر الجسد، وعن الفاقة أنها تقوي الروح، وعن الفشل أنه طريق النجاح.
هذه بعض الفضائل الإيجابية التي أرغب إليكم في أن تعتنقوها. أما الفضائل السلبية فكثيرة. أنتقي منها اثنتين:
الأولى: لا تكونوا اعتذاريين. إنني كلما حدثت أحدا من الناس عن فلسطين مثلا: لماذا لا يفعل كذا وكذا؟ تمطى وحرك موتور لسانه فزغرد خطابا فخما يدوي بالأعذار التي تنتهي عادة بأن الحكومة مقصرة. من يمنع الواحد منا أن يجاهد في فلسطين، أو أن يجود عليها بكل ماله، أو أن يؤاسي لاجئيها. لا تسأل الناس هذا السؤال؛ لأنك تنتهي بأن تغرق في طوف من الكلام الفصيح والأعذار اللبقة. متى اتخذ الواحد منكم موقفا اعتذاريا ينتهي بأن يقنع نفسه بأن فعل أي شيء مستحيل! حذار حذار من الموقف السلبي من العيش! فكروا بما تقدرون على فعله؛ واطرحوا الأعذار التي تبرر لكم في عيونكم عجزكم عن القيام بأي عمل مثمر مفيد.
وأخيرا، فليبتعد عمر ورفاق عمر عن الفصاحة والزركشة الكلامية التي ملكت ألسنة الناس هذه الأيام. إنني كلما سمعت كلاما أنيقا مثل: فظيع، فظاعة، التوجيهات، التكتل، العناصر الحيوية، أعلم أن قائلها كسول التفكير. خل عنك موهن الكلام، واستوح عاطفتك وعقلك، وأفصح عن قلبك وإدراكك باللغة التي تملكها أنت؛ فإنك متى أخذت عن الناس مألوف كلامهم، فقد قتلت في قلبك فورانه، وفي دماغك حدة تفكيره.
يعز علي أن عمر ليس بينكم، ولكني تعزيت عن غيابه بلذة التحدث والتعرف إليكم. وأعلم أن كلا منكم هو للبنان عمر. وإن لبنان ينتظر منكم رجالا أحرارا شجعانا مغامرين، تخافون الله، وتتعاونون مع جيرانكم ومواطنيكم.
خطاب يبحث عن موضوع
دعتني منظمة الكتائب اللبنانية إلى إلقاء خطاب في حفلتها السنوية التي اعتادت أن تحييها في أواخر نوفمبر. كان ذلك قبل دخولي الحزب السوري القومي الاجتماعي. ولعل بعض المغريات لدعوتي أني غير مسيحي، ورحت أستشير الأصدقاء عن موضوع، فكان كل منهم يجيب «الطائفية».
وقد حدث أنني حين كنت ألقي الخطاب ووصلت إلى «سفينة النجاة لن تبحر في أوقيانوس من زبد الأشداق، ورغوة الأفكار، ولن تسير شراعاتها أرياح الهتافات.» حين نطقت بهذه العبارة رأيت في الصف الرابع شبانا ثلاثة ينصرفون متأففين.
حضرة رئيس حزب الاتحاد اللبناني.
إخواني الكتائبيين.
Halaman tidak diketahui