شوهدت آثار ذلك الحزن على محياه ، وملامح وجه الشريف ، ولكن لما لم يكن مأذونا بالافصاح بالحقائق ، لذلك كان يتجنب ردع الناس عن تلك المفاسد ، ومنعهم عن تلك الانحرافات.
بدء الوحي :
لقد امر الله ملكا من ملائكته بأن ينزل على امين قريش وهو في غار حراء ويتلو على مسمعه بضع آيات كبداية لكتاب الهداية والسعادة ، معلنا بذلك تتويجه بالنبوة ، ونصبه لمقام الرسالة.
كان ذلك الملك « جبرئيل » ، وكان ذلك اليوم هو يوم المبعث النبوي الشريف الذي سنتحدث عن تاريخه في المستقبل.
ولا ريب أن ملاقاة الملك ومواجهته أمر كان يحتاج إلى تهيوء خاص ، وما لم يكن محمد صلى الله عليه وآله وسلم يمتلك روحا عظيمة ، ونفسية قوية لم يكن قادرا قط على تحمل ثقل النبوة ، وملاقاة ذلك الملك العظيم.
أجل لقد كان « أمين قريش » يمتلك تلك الروح الكبرى ، وتلك النفس العظيمة وقد اكتسبها عن طريق العبادات الطويلة ، والتأمل العميق الدائم ، إلى جانب العناية الالهية.
ولقد روى أصحاب السير والتاريخ انه راى رؤى عديدة قبل البعثة كانت تكشف عن واقع بين واضح وضوح النهار (1).
ولقد كانت الذ الساعات وأحبها عنده بعد كل فترة ، تلك الساعات التي يخلو فيها بنفسه ، ويتعبد فيها بعيدا عن الناس.
ولقد قضى على هذا الحال مدة طويلة حتى أتاه في يوم معين ملك عظيم بلوح نصبه أمامه وقال له : « إقرأ » ، وحيث أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان اميا لم يدرس أجاب الملك بقوله : « ما أنا بقارئ ».
Halaman 321