283

وإلى هذه الواقعة يشير ابو طالب في قصيدة أولها :

ابونا شفيع الناس حين سقوا به

من الغيث رجاس العشير بكور

وقد نقل الشهرستاني هذه الواقعة في كتابه « الملل والنحل » قال : ومما يدل على معرفته ( أي عبد المطلب ) بحال الرسالة وشرف النبوة ان اهل مكة لما أصابهم ذلك الجدب العظيم ، وامسك السحاب عنهم سنتين أمر ابا طالب ابنه ، ان يحضر المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم فاحضره ابو طالب ، وهو رضيع في قماط ، فوضعه على يديه واستقبل الكعبة ، ورماه إلى السماء ، وقال : يا رب بحق هذا الغلام ، ورماه ثانيا وثالثا وكان يقول : بحق هذا الغلام اسقنا غيثا مغيثا دائما هطلا ، فلم يلبث ساعة أن السحاب وجه السماء وأمطر ، حتى خافوا على المسجد ، وقال ايضا : وببركة ذلك النور كان عبد المطلب يأمر أولاده بترك الظلم والبغي ، ويحثهم على مكارم الاخلاق ، وينهاهم عن دنيات الامور.

وكان يقول في وصاياه : « انه لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم الله منه وتصيبه عقوبة » ، إلى ان هلك رجل ظلوم حتف انفه لم تصبه عقوبة ، فقيل لعبد المطلب في ذلك ، ففكر وقال : ان وراء هذه الدار دارا يجزى فيها المحسن باحسانه ويعاقب فيها المسيء باساءته (2).

ان توسل عبد المطلب بالله سبحانه وتوليه عن الاصنام والاوثان ، والتجاءه إلى رب الارباب آية توحيده الخالص ، وايمانه بالله وعرفانه بالرسالة الخاتمة ، وقداسة صاحبها ، فلو لم يكن له الا هذه الوقائع لكفت في البرهنة على ايمانه بالله ، وتوحيده له.

وقد اعترف المؤرخون لعبد المطلب بهذا فقد قال اليعقوبي : « ورفض عبد المطلب عبادة الاوثان والاصنام ، ووحد الله عز وجل ووفى بالنذر ، وسن سننا نزل القرآن باكثرها ، وجاءت السنة الشريفة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

Halaman 288