واليك في ما يلي التفاسير المختلفة لهذا الاستدلال :
** الف
من الوصول إلى مرحلة الكمال ولابد ان يكون لمثل هذا الرب ارتباط قريب مع الموجودات المراد تربيتها بحيث يكون واقفا على أحوالها ، غير منفصل عنها ، ولا غريب عليها.
ولكن كيف يستطيع الكائن الذي يغيب ساعات كثيرة عن الفرد المحتاج إليه في التربية ويحرم ذلك الفرد من فيضه وبركته ، ان يكون ربا للموجودات الأرضية ومدبرا لها؟!
من هنا يكون افول النجم ، وغروبه ، الذي هو علامة غربته وانقطاعه عن الموجودات الارضية خير شاهد على أن للموجودات الأرضية ربا آخر ، منزها عن تلك النقيصة عاريا عن ذلك العيب.
** باء
خاضعة لمشيئة فوقها ، وانها في قبضة القوانين الحاكمة عليها ، والخضوع لقوانين منظمة هو بذاته دليل على ضعف تلك الموجودات ، ومثل هذه الموجودات الضعيفة لا يمكن أن تكون حاكمة على الكون ، أو شيء من الظواهر الطبيعية ، وأما استفادة الموجودات الارضية من نور تلك الاجرام وضوئها فلا يدل أبدا على ربوبية تلك الأجرام ، بل هو دليل على أن تلك الأجرام تؤدي وظيفة تجاه الموجودات الأرضية بأمر من موجود أعلى.
وبعبارة أخرى : إن هذا الأمر دليل على التناسق الكوني ، وارتباط الكائنات بعضها ببعض.
** جيم
الكمال أو بالعكس؟
وحيث أن الصورة الثانية غير معقولة ، وعلى فرض تصورها لا معنى لأن يسير المربي والمدبر للكون من مرحلة الكمال إلى النقص والفناء ، يبقى الفرض الاول وهو بنفسه دليل على وجود مرب آخر يوصل هذه الموجودات القوية في ظاهرها
Halaman 128