Pedang dan Api di Sudan
السيف والنار في السودان
Genre-genre
وفي هذا القتال قتل منا رجلان وجرح عدد آخر، وكان بين هؤلاء سلامة الذي حمل خطابي وأنا في أم ورقة إلى دارة، وكان على الدوام في مقدمة المغيرين.
ثم عدنا إلى جورو، وكنت قد أصبت بدودة غينيا في كلتا ساقي، فلم أكن أستطيع البقاء على السرج لشدة ما كان بي من الألم، ولم تكن ثم فائدة من البقاء بعد أن سحقنا بني حلبة، فعدنا إلى دارة.
الفصل الثامن
حملة هكس باشا
بعد أن سقطت الأبيض في يد المهدي أخذ يلتفت إلى زيادة قوته، وكان أنصاره على ضفتي النيل يوافونه بكل ما يجد من الأخبار؛ فكان يعرف أن عبد القادر قد طلب أمدادا من القاهرة، وكان يعرف أن هذه الأمداد قد وصلت، وأن الحكومة عازمة على استرجاع المديريات التي خرجت من يدها، وكان هذا هو سبب الحاجة في الدعوة إلى الجهاد، وكان يذكر أتباعه بأن الحرب توشك أن تشب وأنهم منصورون فيها.
وكان جيجلر باشا قد نجح في دويم في نوفمبر سنة 1882، كما نجح أيضا عبد القادر باشا في معتوق في يناير سنة 1883، وأحرز كلاهما النصر، ولكن المهدي لم يكن يبالي بهذه الهزائم، وإنما كان همه منصرفا إلى تلك التجريدة التي كانت تهيئها الحكومة في الخرطوم بقيادة ضباط أوروبيين لكي ترسل إلى كردوفان؛ ولذلك سارع إلى نشر المنشورات يدعو فيها القبائل إلى ترك بلادهم والانضمام إليه، وعندما كانت تجتمع هذه الجموع العديدة عنده كان يعظهم بحماسة ويحضهم على الزهد في هذه الدنيا والاهتمام بالآخرة، وكان يقول: «أنا أخرب الدنيا وأعمر الآخرة.»
وكان يعد الأنصار والمطيعين له بملذات النعيم التي لا يمكن عقلا أن يصفها، وينذر المخالفين بعقاب الجحيم، وكانت تذاع المنشورات في هذا المعنى في كل مكان، وكان يبعث للأمراء يطلب منهم ألا يبقوا أحدا في خدمتهم سوى أولئك الذين يحتاجون إليهم في الزراعة، وأما من كانوا في غنى عنهم فعليهم أن يرسلوهم إليه لينضووا إلى لوائه.
وكان الأولاد والنساء والرجال يهرعون إلى الأبيض؛ لكي يروا هذا الولي ويسمعوا ولو كلمة واحدة من وعظه، وكان الجهلة يرون في وجهه ما يدل على الوحي وأنه الرسول الحق من عند الله.
وكان يلبس الجبة والسروالين ويتحزم عليهما بحزام من قش، ويضع على رأسه طاقية يتعمم عليها، ثم يقف خاشعا أمام أنصاره ويحضهم على حب الله والزهد في هذه الدنيا، فإذا دخل بيته تغير كل هذا؛ إذ كان يعيش في ترف ونعيم بحيث تسترقه شهوة الطعام والنساء، فينغمس فيهما انغماس سائر السودانيين، وكانت النساء أو الفتيات اللواتي يؤسرن يحضرن أمامه فيختار أجملهن ويضمهن إلى حريمه، أما اللواتي كن يجدن الطهي فكن يرسلن إلى مطبخه.
وبعد سقوط الأبيض أخذ يفكر في تعيين الخليفة الرابع، وقر رأيه على أن يعين محمد السنوسي، وهو أكبر شيخ ديني في شمالي أفريقيا لهذا المنصب، فأرسل طاهر واد إسحق برسالة إلى السنوسي لهذا الغرض، ولكن السنوسي نظر بازدراء إلى الرسول ولم يكلف نفسه مشقة الإجابة.
Halaman tidak diketahui