Pedang dan Api di Sudan
السيف والنار في السودان
Genre-genre
وذهب في مساء أحد الأيام لإحضار الماء ولكنه لم يرجع، وفي صباح اليوم التالي أبلغت أنه - وهو يستقي من النيل - هجم عليه تمساح وافترسه، الله يرحمه، الله يغفر له.»
فكررت أنا هاتين العبارتين وقلت: «ما أعظم صبرك يا مولاي! من أجل ذلك قد رفع الله مرتبتك، وهل لي يا مولاي أن أسألك هل أعارك المهدي التفاتة مدة مرضك؟»
فقال: «كلا فقد أراد المهدي أن يبلوني، ولم يخبره أحد بمرضي إلا بعد وفاة علي، وجاءني بعد ذلك في مساء أحد الأيام وكنت منهوكا لا أقوى على النهوض، فقعد بجانبي وأعطاني مديدة سخنة من قرعتي وقال لي: اشرب هذا وثق بالله فإنك ستشفى.
ثم غادرني وجاء بعض الإخوان فحملوني بأمره إلى عشة قريبة من عشته، وكان هو نفسه يعيش في عشة بسيطة، ومنذ أعطاني المديدة وأنا آخذ في التحسن والشفاء على حد وعده لي، فإنه لا يكذب ولا يقول إلا الصدق.»
فأقول أنا هنا: «المهدي لا يكذب ولا يقول إلا الصدق، وأنت خليفة وقد سرت في أثره واتبعت أوامره.»
ويتم الخليفة حديثه فيقول: «فلما اقتربت منه عادت إلي صحتي بسرعة؛ لأني كنت أراه كل يوم وكنت أرى فيه نور عيني وأسكن إلى قربه، وكان يسألني عن عائلتي ويقول إنه يحسن بهم البقاء في كردوفان في ذلك الوقت، وكان آخر شيء يفوه به لي قوله: «ثق بالله». ثم أكثر من زيارته لي وكان يأتيني كل يوم مرارا، وباح لي يوما بسره وقال لي إن الله قد بعثه مهديا، وإن النبي قد أخذه إلى حضرة الأنبياء والرسل، ولكن قبل أن يقول هو ذلك لي كنت أنا أعرف منذ رأيت وجهه أنه هو المهدي المنتظر، أجل ما كان أسعد أيامنا في ذلك الوقت! لا هموم ولا متاعب، والآن يا عبد القادر لقد سهرت وتأخرت، قم واذهب إلى فراشك.»
فأسلم عليه وأقول وأنا خارج: «أطال الله عمرك وقواك على هداية المؤمنين في الطريق السوي.»
ووجد المهدي في شخص عبد الله أداة مطاوعة تقوم بما يطلبه منها، ومما يعجب له الإنسان أنه لولا شجار محمد أحمد مع محمد شريف لما ارتفع شأنه، فإنه أصبح ذا شهرة بعيدة في جميع أنحاء الجزيرة - أي القسم الواقع بين النيل الأبيض والنيل الأزرق - وصار يمني نفسه بالمراكز العليا التي كتبت له في صحيفة القدر، وجعل يخبر أتباعه في السر أن الوقت قد آن لتطهير الدين وأنه سيقوم هو نفسه بهذا العمل، فمن يرغب منهم الاشتراك معه فلينضم إليه، وكان يسمي نفسه «عبد الله» ويوهم من يحضره أنه يعمل عن وحي من الله، وقد أعلمه الخليفة بكل ما تجب معرفته عن قبائل الغرب، وأخبره بأن في هذه القبائل شجاعة وأيد، وأنها إذا لاحت لها الفرصة للدفاع عن دين الله ورسوله فإنها لن تتأخر عن اغتنامها فتهب للموت أو الظفر.
ونصح الخليفة للمهدي بأن يقوم بسياحة في كردوفان لكي يجذب إليه القبائل، وقام كلاهما إلى دار قمر - جمر - حيث كانت عائلة الخليفة التي انضمت إليهما، وقد أخبر المهدي أعضاء هذه العائلة بأن الوقت لم يحن بعد لتركهم بيتهم، أما الآن فمن الأنفع أن يحضوا القبائل النازلة حولهم على الانضمام للمهدي.
وبرح المهدي دار قمر إلى الأبيض؛ حيث زار الأعيان والمشايخ وكان يحادثهم ويستطلع آراءهم ويؤسس لترسماته المستقبلة، وكان يسر إلى أولئك الذين يثق بهم كل الثقة أنه أمين على رسالة تطهير الإيمان الذي أفسده الموظفون، وكان السيد المكي رئيس مشايخ الأبيض أمينه الذي وثق به، وقد نصح له بأن الوقت الحاضر لا يلائم الثورة؛ لأن الحكومة قوية والقبائل منشقة بعضها على بعض، ولكن المهدي كان أكثر تفاؤلا، واتفق كلاهما على ألا يتحرك الشيخ حتى يشرع المهدي في الحركة التي سيكتم أمرها إلى حين إعلانها.
Halaman tidak diketahui