Pedang dan Api di Sudan

Salatin Basha d. 1351 AH
158

Pedang dan Api di Sudan

السيف والنار في السودان

Genre-genre

شعرنا عندئذ بضعف الجمال وتضاؤل قوتها، فولد ذلك في نفوسنا جزعا مستمرا، وأصبح من المؤكد لدينا أن الجمال لن تستطيع الوصول إلى المكان الذي نريد الانتهاء إليه - وهذا المكان هو الواقع على مسير يوم شمالي بربر في طرف الصحراء - حيث اقتضى الاتفاق السابق تغيير الجمال.

عندما أقبل الظهر أرحنا جمالنا في ظل شجرة باسقة واتفقنا على السير إلى ناحية جيليف - الواقعة على مسير ما يقرب من يوم في الطريق الشمالية الغربية - حيث أظل مختبئا في التلال غير المسكونة وغير المطروقة، حتى يتمكن مرشداي زكي وحامد من إحضار جمال صالحة لإتمام الرحلة.

عند غروب الشمس كانت الجمال صالحة للسير السريع بعد أن ارتاحت قسطا وافرا من الزمن، فركبنا الجمال ذاتها ووصلنا في فجر اليوم التالي إلى سفح جبل جيليف، حيث لا ساكن من بني آدم على الإطلاق.

شكرنا لله فضله عندما بلغنا تلك البقعة، ثم نزلنا عن جمالنا وسقناها أمامنا في رحلة شاقة، سرنا فيها على الأقدام ما يقرب من ثلاث ساعات في واد لا تتخلله غير الصخور المرعبة المنظر.

ينتسب مرشداي زكي بن بلال وحامد بن حسين إلى قبيلة كبابيش، فجبل جيليف معروف لديهما؛ حيث ولدا إلى جواره، فهما إذن على معرفة تامة بكل ممر في ذلك الجبل، فاستحسن رفيقاي في تلك البقعة خلع السروج عن الجمال ووضعها على صخرة بجانبنا.

قال لي حامد بن حسين عندما بلغ ثلاثتنا هذه الصخرة: «لقد وصلنا إلى وطننا، ولا ريب في أن الوطن يحمي ابنه الذي يلوذ به، فاطمئن أيها الضيف، وكن واثقا أنه لن يصيبك أي أذى ما دمت في أرضنا، فاسترح هادئا، ولازم تلك البقعة حيث لا يشاهدك متعقب أو مراقب خارجي. وها هي على بعد أقل من مائة متر عين الماء الشهيرة المتفجرة بين الصخور، فسأذهب إليها بالجمال لأسقيها منها، وسيحضر لك زكي قربة صغيرة مملوءة من ماء تلك العين، وفوق ذلك سأخفي الجمال في مكان أمين بحيث لن يستطيع الجن ذاته الوصول إلينا وإلى جمالنا، وإذن فلننتظر هنا حتى أنتهي من التفكير فيما سنتبعه بعد ذلك.»

بقيت وحدي ولا أكتم القارئ حقيقة اضطرابي ووجلي في ذلك القفر الموحش. وعلى أية حال استسلمت إلى المقادير، ودعوت الله أن ينقذني، ففكرت في السير السريع إلى الحدود المصرية، وأخذت أفكر وتتساورني الهواجس من كل ناحية، وبقيت على تلك الحال ساعتين كاملتين، جاء بعد انتهائهما صديقي زكي بن بلال حاملا قربة الماء على كتفه، ولم يكد يصل إلي في وحشتي حتى ناداني قائلا: «ذق طعم ماء وطني العزيز تلقه نقيا خالصا هنيئا للشاربين، ولتثق أيها الضيف العزيز أن وطني الذي حملك سالما سيودعك سالما حتى تصل إلى الأرض الأمينة حرا، وتأكد أن كل شيء سيجري في أحسن صورة بعون الله ولطفه، وأن النهاية ستبدد جميع ما حاق بك من آلام ومصائب، لا في تلك الرحلة فحسب بل في السنوات الماضية الطوال التي قضيتها أسيرا في أم درمان.»

شربت مقدارا قليلا من الماء فوجدته شهيا جدا مصداقا لقول زكي، الذي أعجبني منه حبه الشديد لوطنه، رغم ما هو (الوطن) فيه من فقر ووحشة على النازحين إليه.

قلت لزكي: «إني على ثقة من الفوز، ولكنني أخشى التأخير.» فأجابني على الفور: ««معلهشي»، كل شيء بإرادة الله، وعسى أن يبعث الله لنا الخير في هذا التأخير، وإذن فلننتظر حامد بن حسين صابرين واثقين في لطف الله.»

وصل إلينا حامد بعد مرور بضع دقائق على ظهر اليوم المذكور، وبعد مجيئه تناولنا نحن الثلاثة (حامد وزكي وأنا) طعامنا البسيط العادي المكون من الخبز والتمر، وبينما نتناول طعامنا استصوب زكي ركوب جمله والوصول إلى الأصدقاء الواقفين على سر نجاتي، على أن تستغرق تلك الرحلة يومين متواليين يتمكن زكي بواسطتها من الحصول على جمال جدد.

Halaman tidak diketahui