Pedang dan Api di Sudan
السيف والنار في السودان
Genre-genre
وكانت الجيوش التي تحت أمره مكونة من أبناء القبائل النازلة على ضفاف النيل، الذين عرفوا مصر جيدا ولهم صلات قرابة ونسب مع القبائل في مديريات الوجه القبلي الملاصقة.
فمن أجل هذا، لما أصر الخليفة على غزو مصر لم يفكر في إسناد قيادة الجيوش الفاتحة لغير ابن النجومي.
وكان الخليفة يحسب حسابا كبيرا لهذا الفتح ويقدر نتائجه، وكان يخشى الهزيمة والخسارة؛ ولذلك تدبر في الأمر وقرر أن يرسل مع ابن النجومي جيوشا من القبائل النازلة بقرب السودان التابعة له، لا من القبائل التي تنتمي إليه حقيقة؛ حفظا لهم ووقاية من الوقوع في الهزيمة. فجهز جيش ابن النجومي من قبائل «الجالان» و«الدناجلا» و«النيفاريون»، وقبيلتا «الجالان» و«الدناجلا» من أتباع الخليفة الشريف، وقد كان الخليفة عبد الله ينظر إليهما دائما كما ينظر إلى الأعداء.
وكان الخليفة يتمنى بكل جوارحه نجاح الحملة، وما كان يخالجه شك في قدرة قائده وإخلاصه، وكان يمني نفسه بغزو الديار المصرية ليضيف إلى ملكه بلادا جديدة، إلا أن المصريين انتصروا عليه وألحقوا به خسائر فادحة، وردوا جيوشه منهوكة القوى إلى دنقلة.
وإن حوادث ذلك العهد التي انتهت بهزيمة جيش الدراويش في واقعة توشكا في 3 أغسطس سنة 1889 وموت ابن النجومي معروفة لا تحتاج إلى إعادة إيضاح هنا.
ولكن بمناسبة تكوين الحملة السالفة الذكر من رجال القبائل التي قلنا إنها في الأصل كانت معادية للخليفة وهو يوجس منها خيفة دائما أبدا؛ أروي حادثة حدثت لقبيلة من تلك القبائل؛ فقد حدث أن ترددت قبيلة «البتاهية» في القدوم إلى أم درمان لتقديم طاعتها إلى الخليفة، فجهز للهجوم عليها حملة هزمتها شر هزيمة، وأسرت منها ما يقرب من 67 رجلا بأهلهم، وكانت هذه القبيلة مشهورة بقوة رجالها أيام أن كانت الحكومة المصرية مستولية على السودان.
وأمر الخليفة بمحاكمة هؤلاء الأسرى بتهمة «العصيان»، فلما سأل قضاته عن عقوبة العصيان أجابوه بلا تردد «الموت»! وبعد ذلك أمر الخليفة بإعادتهم إلى السجن، وأخذ يعد المعدات اللازمة لتنفيذ الحكم عليهم.
وبناء على إرادته أقاموا ثلاث مشانق في ساحة السوق، وبعد صلاة الظهر دقت الطبول إيذانا بقرب ميعاد التنفيذ، وجاء الخليفة متبوعا بحاشيته راكبا، ولما اقترب من مكان التنفيذ نزل وجلس على سرير صغير وحاشيته من حوله، منهم من هم ركوع ومنهم من هم وقوف، ثم أحضروا أمامه أولئك الرجال مكتوفي الأيدي يحيط بهم رجال عبد الباقي، بينما كانت النساء والأطفال تتبعهم نائحات نادبات.
وأمر الخليفة بأن يجعل النساء والأطفال في ناحية والرجال في ناحية أخرى، وبعد ذلك جاء «أحمد الدليا» و«طاهر واد الغالي» و«حسن واد خبير»؛ وهم الذين انتقاهم الخليفة لتنفيذ الحكم على هؤلاء التعساء، وأمر ثالثهم بأن يذهب ويأمر الحراس بأن يأخذوهم إلى المكان الذي نصبت فيه المشانق.
وبعد ربع ساعة قام الخليفة وتبعه جميع من كان حوله إلى ساحة السوق؛ حيث رأينا منظرا تقشعر منه الأبدان، وجدنا هؤلاء البؤساء قسموا إلى ثلاث فرق؛ قسم نفذ فيه حكم الشنق، وقسم تحت التنفيذ، والقسم الثالث قطعت أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى. ووقف الخليفة يشاهد هذا المنظر بنفسه؛ وقف يشاهد كومة من جثث الرجال، وقف يشاهد من قطعت أيديهم وأرجلهم، وقف يشاهد هذه الأيدي وتلك الأرجل مبعثرة هنا وهناك، وقال ل «عثمان واد أحمد» أحد القضاة - وقد كان من أعز أصدقاء الخليفة «علي» وأحد أركان تلك القبيلة - وهو يشير إلى تلك الجثث: «يمكنك الآن أن تأخذ ما بقي من أفراد قبيلتك.» قال ذلك بكل سخرية، فارتعدت فرائص الرجل ولم يقدر على الإجابة.
Halaman tidak diketahui