Pedang dan Api di Sudan
السيف والنار في السودان
Genre-genre
فقال وهو يشير إلى المرأة بأن تذهب: «لقد قلت حقا وأنا أوافقك.»
ثم هتف بالخصي قائلا: «يا ألماس، أحضر جبتي البيضاء.» وذهب وأحضرها، فسلمها لي وهو يقول: «خذ هذه الجبة التي لبستها أنا مرارا والتي باركها المهدي، وسيغبطك ألوف الناس عليها، فاحرص عليها لأنها تأتيك بالبركات.»
فابتهجت بهذه الهدية وقبلت يديه وأنا مرتاح إلى تخلصي من تلك المرأة التي ما كانت سوى حجر عثرة ونفقة لا أتحملها، ووجدت في الجبة بديلا طيبا منها، ثم استأذنت في الخروج وأخذت هديتي الغالية معي.
وعين يونس يوم السفر، ولكن قبل السفر طلبني الخليفة وحثني على الصدق في الخدمة والأمانة أمام يونس.
وفي المساء برحنا أم درمان في الباخرة «بردين»، وفي اليوم الثالث بلغنا شاطئ النيل الأزرق وتراءت لنا سنار على بعد.
وقد اخترنا مكانا لخيامنا قطعة مستطيلة من الرمل شمالي وادي العباس؛ لأن الأرض التي حولها منخفضة لا توافق الإقامة مدة فصل الأمطار، ولم يكن رأسي يفكر الآن بشيء سوى الفرار، ولكن لما كان جميع الأهالي راضين عن الخليفة، فإني كنت في حاجة إلى أن أحذر أشد الحذر في اتخاذ واحد أثق به. ولم يمض علي طويل زمن في وادي العباس، حتى جاءني خطاب من الخليفة يقول فيه إنه جاءته أخبار بأن زوجتي قد وصلت إلى كروسكو، وإنها ترتب الترتيبات اللازمة لفراري، ثم حضني على أن أترك هذه الأفكار وألزم الإيمان، وتسلم يونس أيضا خطابا جاء فيه هذا المعنى، ثم تعلل بأنه يريد أن يوقف الخليفة على الأحوال في سنار، وأمرني بالسفر إلى أم درمان، وعلى ذلك ذهبت تدبيراتي للفرار ضياعا، ورأيت نفسي بعد أيام في حضرة مولاي الخليفة.
وبدأ الخليفة الكلام عن الخطاب الذي جاءه من بربر، فأكدت له بأنه إذا كان هذا الخطاب قد وصل بالفعل، فإنه لم يكتب إلا بغية الأذى لي، وإلا فقد يكون هناك خطأ، وبرهاني على ذلك أني لم أتزوج قط، فليس لي زوجة تصبو إلى لقائي. أما إذا جاء أحد إلى أم درمان وأراد إغرائي بالهرب فإني لن أتأخر عن إبلاغ أمره للخليفة.
فأكد لي الخليفة بأنه لم يصدق هذه الإشاعة، ثم سألني هل أحب البقاء معه أو مع يونس، وكنت أعرف قصده من هذا السؤال، فقلت إني لا أعدل بالبقاء معه شيئا. وابتهج من تملقي له، ولكنه قال بصوت جدي إنه يذكرني بالولاء والأمانة وألا أحادث أحدا خلاف أهل دارة، ثم أمرني بلزوم مكاني كما كنت سابقا على باب الدار.
وعند خروجي لم أشك في أن شبهات قد تأصلت في قلبه، وأنها ابتدأت في النمو. وكانت قوة الأبيض تحتوي في هذا الوقت على مائتين من الجنود السود، وقد زاد عددهم بما انضم إليهم من جنود دارة السود أيضا، وكان كثيرون منهم يقطنون جبل دبرو وهم على عداوة دائمة مع المهدي، وكان الدراويش قد أسروا بعضا منهم واستعملوهم في بناء أكواخهم واستعبدوهم.
واغتاظ هؤلاء الجنود من هذه المعاملة وعزموا على أن ينالوا حريتهم، وكان الأمير سيد محمود غائبا لحسن حظهم في أم درمان، وتمكن المتمردون من الاستيلاء على الترسانة، فأخذوا منها السلاح، ثم اقتتلوا مع سائر الجنود وخرجوا إلى جبل النوبة.
Halaman tidak diketahui