Katakan
ساي
Genre-genre
تظاهرت كما لو أنني سأعود إلى المركز مع أنني ما زلت في المرآب. خلال تلك المهلة أخرجت مرآتي ورحت أتأكد من مظهري، لم أعتد أن أفعل ذلك أبدا، لكن هذا طبيعي، فنظرته لي مختلفة عن نظرة أي شخص آخر. شعور المرأة في تلك الحالة يكون مضطربا وأنا أكثر من يستطيع تحليله. بعض النسوة قد يعتقدن أنهن وقعن في الحب بسبب ردة فعلهن تلك، لم أرد أن أطفئ ذلك الشعور، تركت لنفسي حرية التصرف من غير أن أكبت حقيقة أنني سعيدة بإعجاب أحدهم بي، وليس أي أحد! إنه البروفيسور هيروكي.
ولكيلا أتأخر قطعت سلسلة أفكاري تلك وتوجهت نحو مكتب هيروكي. هناك رأيته ينتظرني، ألقيت السلام عليه، سلمني الأوراق وبدأ يماطل في حديثه معي، يبدو أنه فعلا يود أن يقول لي شيئا. كنا نمشي بينما هو يحدثني، إلى أن وصلنا إلى الشرفة، ورغم أن الطقس كان باردا جدا إلا أنني كنت أود مشاهدة نثرات الثلج. خرجنا إلى الشرفة وعندما لامس الثلج وجهي، لم أشعر ببرودته، فأنا أحبه كثيرا، كانت النسمات لطيفة جدا، صمتنا لعدة دقائق. - ساي، أتسمحين لي أن أسألك سؤالا؟ - تفضل. - إلى متى ستصرين على تجاهل الموضوع؟ - هيروكي، ليس تجاهلا صدقني، لكنني أنتظرك إلى أن تسأم من مشاعرك تلك، فأنت ستسأم منها عاجلا أم آجلا. - ومن أين لك بتلك الثقة؟ - من كل القصص التي سمعت عنها خلال حياتي المهنية، والاجتماعية، وأولها قصتي الشخصية. - أتعممين كل الحالات لكل الناس؟ - لا، أبدا. لكن هناك بعض العلاقات التي باستطاعتي أن أتنبأ عن مستقبلها منذ البداية. - وما هو العامل المشترك للعلاقات التي ستفشل في نظرك؟ - ليس عاملا واحدا فحسب، هي مجموعة عوامل. - وفي حالتنا، لنفرض جدلا أننا ارتبطنا، لم تعتقدين أننا سنفشل؟ - في حالتي، ليس الفشل هو السبب الأهم لتجنبي أي علاقة، إنما عدم رغبتي في ذلك. - سألتك في حالتنا وليس في حالتك وحدك، عندما أنا أكون طرفا في تلك العلاقة، لم تعتقدين أننا سنفشل؟ - وأجبتك أني لا أريد أن أفترض ذلك أصلا! - لم كل هذا العناد ساي، أرجوك أجيبيني بعفوية، وتنازلي عن تلك الفكرة لعدة دقائق. - حسنا، أعتذر عن تصرفي هيروكي، لكن دعني أفكر أولا.
صمت قليلا ورحت أفكر بسؤاله لأول مرة. بينما كنت أفكر كان هيروكي ينتظر بهدوء وهو ينظر إلى الأفق ويفرك يديه ببعضهما فالجو بارد جدا. رتبت أفكاري وأنا أتأمل حركاته ثم أجبته: في حالتنا، سأحلل لك الموضوع كما أراه أنا، أنا لا أتكلم نيابة عنك إنما أعرض وجهة نظري فحسب. أنت رجل ناضج، اعتدت أن تقضي أيام حياتك بروتين هادئ، ليست سنة أو سنتين، أو عشرا، بل خمسين عاما. الآن بدأت تشعر بالوحدة، لأنك قد حققت معظم ما تصبو إليه، وتجاوزت مرحلة ضيق الوقت وقلة المال. لديك سعة من كليهما الآن مع صحة جيدة وبدأت تمتلك الوقت لتسمع مشاعرك أكثر. في هذه الأثناء ظهرت امرأة غريبة الأطوار، جعلتك تراقبها بسبب غرابتها مقارنة بما تعودت عليه سابقا. أنت لأول مرة تتعامل مع امرأة لا تكترث لأمور كثيرة، بت تراقبها لتكتشف لأي مدى هناك أناس غريبون ويتصرفون بطريقة مختلفة عما تعودت عليه خلال حياتك كلها. مع الوقت بدأت تظن أن هذا الاهتمام ينبع من مشاعر الإعجاب، ولأن هذه الحالة هي من المرات القلائل التي حدثت معك في حياتك، ولأنك تشعر بوحدة بعض الشيء، ولأنك تود أن تكتشف طباعا جديدة وتسمع كلاما مختلفا، وترى مشاهد غير مألوفة، قمت بتحويل هذا الإعجاب إلى حب بمحض إرادتك. أنت تمتلك الصبر لتنتظر كثيرا، فيكفيك أنك تعيش تلك الحالة التي ملأت لك بضع سويعات من كل يوم. لذا فأنا أعلم أنك لن تسأم مع مرور الوقت من الانتظار، لكن في المقابل، مع مرور الوقت ستكتشف أن وجودي ليس بتلك الضرورة التي تتخيلها الآن. لنفرض أننا سنرتبط قبل أن تكتشف هذا الاكتشاف، ولنفرض أنني قررت خوض هذه المغامرة، هذا يعني أني سأنجرف بكامل قوتي العاطفية، سأبني أحلاما كثيرة، سأرهق قلبي وعقلي وروحي بأمور لا أنت ولا أي رجل في العالم يستطيع أن يتخيلها. ثم ماذا، ثم سيأتي يوم تضيق ذرعا من حماقاتي التي ظننت أنك أحببتني بسببها، ستكره بعضا من تصرفاتي التي خيل إليك أنها كانت أجمل ما يميزني، ستسأم من كلماتي التي كنت سابقا تنتظرها بفارغ الصبر، والكثير الكثير. ستجد نفسك متورطا في علاقة كنت تظنها الجنة لكنها أضحت ...
لم يدعني أكمل جملتي وقاطعني مباشرة: توقفي ساي، توقفي أرجوك، لم أعد أريد أن أسمع أكثر، لقد ظلمتني جدا. - لكنك سألتني وأنا أجيبك بما أفكر به. - أعلم، لكن لم أتوقع أنك تنظرين لهذه الأمور بهذه الدرجة من التشاؤم، أخبريني إن كانت العلاقات تسير هذا المسرى، إذن متى تنجح؟ متى ومن يستطيع تكوين العلاقات الصحيحة والناجحة برأيك؟ ما هو العامل الفارق والذي يجرف العلاقة تلك من الطريق التشاؤمي ذاك الذي قمت بوصفه إلى الطريق الطبيعي والصحيح؟ - الحب، العطاء، والوفاء. - وكيف سأثبت لك أني أمتلكها؟ المشكلة أني حقا لا أستطيع برهنة ذلك من خلال الكلام، فلا أسهل من الكلام، ولا أستطيع إلا أن أعدك بهذه الخصال، خاصة أننا ما عدنا نلتقي أبدا، أشعر بحيرة كبيرة حيال ما علي فعله. ساي! لقد صعبت الأمور علي جدا. - مهلا، أنا لم أصعبها. ليس من الضرورة أن تمتلك تلك الصفات أنت فقط، علي أن أمتلكها أنا أيضا. فحتى لو تأكدت من تحليك بها، فأنا لا أضمن نفسي أن أكون محبة ومعطاءة دائما. وهنا تكمن مشكلتي هيروكي؛ ولذلك أنا أحكم على أي علاقة قد أفكر الخوض فيها بالفشل. أعتذر هيروكي على صراحتي، على أي حال علي أن أغادر الآن لقد تأخر الوقت وما زال أمامي طريق طويل لأصل إلى المنزل. - حسنا! أسعدني وجودك اليوم، ساي! أتمنى لنا عاما جديدا جميلا كجمالك، عاما نجتمع به معا، أنا متأكد من ذلك، لن أطيل عليك أكثر من ذلك، أود أن أطلب منك طلبا بشكل رسمي، ساي، أتقبلين الزواج بي؟
صدمني حين قال طلبه وقد أمسك بيدي وكاد يضمني إليه، أبعدته عني بهدوء من غير أن أزعجه ووجدت نفسي أجيبه حالا: هيروكي! أنت حقا غريب الأطوار، أهذه نتيجة حوارنا؟
اقترب مني مجددا وقال لي: ساي، خذي كل وقتك للتفكير، لا أريد أن أسمع جوابك الآن. واعلمي أنك في كل مرة تجيبين بها بالرفض، سأجدد الطلب؛ أي إن هذا الطلب سيبقى مفتوحا للأبد؛ لذا لا فائدة بأن ترهقي نفسك برفضه، لأني لن أقبل الرفض.
تنهدت وكنت على وشك البكاء، فقال لي: أعلم أنك لن تأتي مجددا إلى المركز، أرى ذلك في عينيك، أعلم أني تماديت في التعبير عن مشاعري وهذا قد يسبب الألم لك. كوني سعيدة فحسب، لا تبتئسي، أنا على ثقة بأننا سنلتقي مجددا، وليس كأي لقاء.
الفصل الثاني
ربيع مزهر!
هيروكي
Halaman tidak diketahui