Suara Berbicara dari Peti Sejuk: Kumpulan Cerita
الصوت المتحدث من الثلاجة: مجموعة قصصية
Genre-genre
الصوت المتحدث من الثلاجة
الصوت المتحدث من الثلاجة
مجموعة قصصية
تأليف
أحمد عبد الرحيم
من قال «دوام الحال من المحال» لم يعش عندنا.
أشياء غريبة على الأرضية
رغم هرم الجسد، وتيبس العظام، تمكنت من تنظيف البيت كله؛ كنست السجاجيد - والأرضية المبلطة والخشبية - بالمكنسة الكهربية، لمعت الأثاث بالريشة، عطرت الأجواء بالبخور. لكن ثمة أشياء غريبة لقيتها أثناء عملية التنظيف ...
في البداية، لبة بطيخ. نحن في الشتاء، فأي بطيخ يقع لبه على الأرض؟! وحتى لو كنا بالصيف، أنا لم أشتر أي بطيخ منذ الصيف قبل الماضي. الفكهاني بجوار البيت مات، وولده لا يعاملني باحترام حين أتصل به وأطلب فاكهة ديليفيري. ولد عاق، يظهر من عينيه - هو وعامليه - شرب المخدرات. الأغرب هو التصاق اللبة السوداء بكعبي، لم تفلح أي من محاولاتي لخلعها، استقرت ببطن الكعب في مساحة على قدها تماما، كأنها مكانها الأصلي الذي ضاعت منه! كان أولادي يعشقون البطيخ؛ في تارة، تقافزوا فوق السرير، مغنين أغنيتي المفضلة؛ كي أنزل وأشتريه لهم. وفي تارة ثانية، أصيب ابني الأصغر بالدوسنتاريا من بعد تذوق جزء مر في بطيخة، ليدخل الحمام 10 مرات في الساعة، كل ساعة. لكنه بعد سخونة، وزيارة للمستوصف، وتناول المطهرات الحنظل، عاد ليطالبني بمزيد من البطيخ. إنه فاكهة منعشة، ترطب على القلب. أم العيال كانت تقطعها، وتزيل أغلب لبها، ثم تأتيني بها فوق الفراش. هذا أيام دلع شهر العسل، وما بعده أيضا. آآآه، لم أكن أحكي أيا من هذه الذكريات لأحد، حتى لأمي؛ خوفا من الحسد.
ثاني الأمور الغريبة كان ظفرا. نعم ... ظفر طويل عثرت عليه في غرفة الابن الأكبر. كان في تجويف بخشب الأرضية، يقبع من قريب. فأنا أتذكر منذ آخر كنس لي أن هذا التجويف المقارب لباب الغرفة خلا من أي شيء إلا التراب. فمن أين جاء؟! ظفر مغبش حام، يشبه قشر السمك. به آثار لون أحمر قديم وشاحب. أهو طلاء أظافر حريمي؟! لا أعلم لماذا أثارني طلاء الأظافر الأحمر منذ الصغر. كان شيئا تتميز به الفتيات عن الفتيان، ووسيلة تجميل أنيقة ورخيصة. الشعر الحر المنطلق على الأكتاف، الجلباب المزركش، الحركة الخفيفة المرنة المختلفة عن حركة الأولاد، الصوت الرطيب، النظرة المتسائلة، الحضور المرح، تأكدها من ضعفها أمام قوتك؛ كل هذه أمور تعودت أن تحول الأنثى إلى فاتنة في نظري، لكن لا شيء منها يكتمل، وينال الفاعلية، إلا بالمونيكير؛ إنه البطاقة الشخصية للأنوثة، وبدونه لا تستوفى إجراءات الافتتان. البعض يحبونها مدخنة، رقيعة، سمينة، برائحة المطبخ، بشعر أشقر، بقميص نوم لامع. أنا فضلت المونيكير. طبعا اعتزلت أم العيال طلاءه، مع التقدم في السن، ومتاعب البيت، وتنكيس الشباب. لكنها كانت تفعله من أجلي. في ليال متباعدة، ننفرد فيها ببعضنا، هاربين من عين الزمن، وسخافات الوقار، وضجيج الأولاد. لم أرم الظفر الغريب، رغم كآبته. وضعته في الطفاية الكريستالية أعلى التليفزيون، تلك التي أستخدمها مؤخرا ك «تقالة» أحفظ تحتها الإيصالات الحديثة؛ مثل الخاصة بالسوبر ماركت، أو أوراق النتيجة التي أكتب في ظهرها المشاريع القادمة؛ كتصليح ضلفة الدولاب الملخلخة، وغسل قفص الشفاط بالجاز، ودهان الحمام بلون زاه.
Halaman tidak diketahui